السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَةٞۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (101)

{ بديع السماوات والأرض } أي : مبتدعهما من غير سبق مثال ورفع بديع على الخبر والمبتدأ محذوف أي : هو بديع أو على الابتداء والخبر { أنى يكون له ولد } أي : من أين يكون له ولد { ولم تكن له صاحبة } يكون منها الولد لأنّ الولد لا يكون إلا من صاحبة أنثى { وخلق كل شيء } أي : من شأنه أن يخلق { وهو بكل شيء عليم } لا تخفى عليه خافية ، وفي الآية استدلال على نفي الولد من وجوه : الأوّل : إنه مبدع السماوات والأرض وهي أجسام عظيمة من جنس ما يوصف بالولادة لكونها مخلوقة لا يستقيم أن توصف بالولادة لاستمرارها وطول مدّتها ومخترع الأجسام لا يكون جسماً حتى يكون والدا ، الثاني : أن الولادة لا تكون إلا من ذكر وأنثى مجانسين وهو متعال عن مجانس فلم يصح أن تكون له صاحبة فلم تصح الولادة ، والثالث : أنه ما من شيء إلا وهو خالقه والعالم به ومن كان بهذه الصفة كان غنياً عن كل شيء والولد إنما يطلبه المحتاج .