بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَةٞۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (101)

قوله تعالى : { بَدِيعُ السماوات والأرض } يعني : خالق السموات والأرض يعني مبدعهما ، وهو أن يبتدئ شيئاً لم يكن يعني ابتدعهما ولم يكونا شيئاً . { أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ } قال القتبي : { أِنّى } على وجهين يكون بمعنى كيف كقوله { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأنفُسِكُمْ واتقوا الله واعلموا أَنَّكُم ملاقوه وَبَشِّرِ المؤمنين } [ البقرة : 223 ] وكقوله : { أَوْ كالذي مَرَّ على قَرْيَةٍ وَهِىَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا قَالَ أنى يُحْيِ هذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فانظر إلى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وانظر إلى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وانظر إِلَى العظام كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ البقرة : 259 ] ، ويكون بمعنى من أين كقوله : { قاتلهم الله أنى يؤفكون } [ التوبة :30 ] وكقوله : { أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ } { وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صاحبة } يعني : زوجة . { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْء } يعني : الملائكة وعيسى وغيرهم وهم خلقه وعبيده .

{ وَهُوَ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } مما خلق .