تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَةٞۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (101)

الآية 101 وقوله تعالى : { بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد } قوله : { بديع السموات والأرض } أي أنشأهما بلا احتداء/ 157-أ/ ولا امتثال بغير . هذا يرد على القرامطة قولهم ؛ لأنهم يقولون : فهو مبدع ، ويقولون : المبدع الثاني هو أول مخلوق خلق منه جميع العالم . فلو كان أول خلق خلق مبدعا فهو مبدع . والإبداع هو إحداث شيء ، لم يسبق له أصل ولا مثال . ولهذا ما يقال لمن أحدث في دينه شيئا : مبتدع لأنه أحدث فيه شيئا لم يسبق له أصل ولا مثال .

وقوله تعالى : { بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد } [ يحتمي وجهين :

أحدهما أن ]{[7530]} من قدر على إبداع السماوات والأرض لا عن أصل سبق ولا عن مثال تقدم فأنى تقع له الحاجة إلى الولد ؟ والولد في الشاهد إنما يتخذ لإحدى خصال ثلاث : إما للانتصار على الأعداء والانتقام منهم وإما لوحشه تأخذهم ، وأما لحاجة تمسهم . فالله ، سبحانه ، يتعالى عن ذلك كله ، فأنى يتخذ ولدا ؟

والثاني : { أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة } أي تعرفون أن الولد لا يكون في الشاهد إلا عن صاحبة ، وليست له صاحبة ، فأتى يكون له ولد ؟ كأن الخطاب كان في قوم ينفون عنه الصاحبة للشهوات التي مكنت فيهم ؛ فالشهوة هي التي تقهر المرء ، وتحمله على الحاجة .

وقوله تعالى : { وخلق كل شيء } فيه نقض قول المعتزلة لأنه أخبر أنه خلق كل شيء . وعلى قولهم : لم يخلق جزءا من ألف جزء من الأشياء ؛ لأنهم يقولون : إن الله لم يخلق أفعال العباد ولا حركاتهم ولا سكناتهم ولا قيامهم ولا قعودهم ولا شيئا من ذلك .

ثم لا يجوز أن تصرف الآية إلى الخصوص ، وهي{[7531]} تخرج مخرج العموم{[7532]} ، ولو جاز أن يصرف هذا إلى{[7533]} شيء دون شيء لجاز لغيرهم أن يصرفوا قوله تعالى : { وهو بكل شيء عليم } إلى شيء دون شيء .

وكذلك قوله تعالى : { قل الله خالق كل شيء } [ الرعد : 16 والزمر : 62 ] [ هو رد ]{[7534]} على قول المعتزلة : هو خالق بعض الأشياء ، ليس هو بخالق الأشياء كلها على ما أخبر فلان . [ فلو ]{[7535]} جاز صرفه إلى بعض الأشياء دون بعض لجاز أيضا صرف قوله تعالى : { وهو على كل شيء وكيل } [ الأنعام : 102 و . . ] إلى بعض دون بعض [ لأنه ]{[7536]} حفظ بعض الأشياء ، ولم يحفظ الكل . فإن لم يجز هذا لأنه{[7537]} خرج مخرج العموم{[7538]} ، فعلى ذلك لا يجوز صرف الأول إلى بعض دون [ بعض ]{[7539]} لأنه عموم{[7540]} . ولئن جاز أن يقال : إن العبد هو خالق ذلك جاز أن يقال : هو خالق الكل والقادر عليه ؛ فهذا سمج بين ، نسأل الله العصمة عن السرف في القول والزيغ عن الحق ، فإنه لا حول ، ولا قوة إلا بالله .


[7530]:- في الأ صل وم: أي.
[7531]:- في الأصل وم: وهو.
[7532]:- في الأصل وم: الامتداح
[7533]:-في الأصل وم: على.
[7534]:- ساقطة من الأصل وم.
[7535]:- ساقطة من الأصل وم.
[7536]:- ساقطة من الأصل وم .
[7537]:- من م، في الأصل: أنه.
[7538]:- في الأصل وم: الامتداح.
[7539]:- من م، ساقطة من الأصل.
[7540]:- في الأصل وم: امتدح.