الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَةٞۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (101)

{ بَدِيعُ } : بمعنى : مُبْدِع ، و{ أنى } : بمعنى : كيف ، وأين ، فهي استفهام في معنى التوقيفِ والتقريرِ ، وهذه الآيةُ ردٌّ على الكفار بقياس الغائِبِ على الشاهد .

وقوله سبحانه : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيء }[ الأنعام :101 ] لفظٌ عامٌّ لكلِّ ما يجوز أن يدخل تحته ، ولا يجوز أنْ تدخل تحته صفاتُ اللَّهِ تعالى ، وكلامُهُ ، فليس هو عموماً مخصَّصاً ، على ما ذهب إليه قوم ، لأن العموم المخصَّص هو أن يتناول العموم شيئاً ، ثم يخرجه التخصيصُ ، وهذا لم يتناولْ قطُّ هذه التي ذكرناها ، وإنما هذا بمنزلة قَوْلِ الإنسان : قَتَلْتُ كُلَّ فَارِسٍ ، وأَفْحَمْتُ كُلَّ خَصْمٍ ، فلم يدخلِ القائلُ قطُّ في هذا العمومِ الظاهرِ من لفظه ، وأما قوله : { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فهو عمومٌ على الإطلاق ، لأنه سبحانه يعلم كلَّ شيء ، لا ربَّ غيره ، وباقي الآية بيِّن .