نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَةٞۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (101)

ولما ختم بالتنزيه عما قالوا من الشريك والولد ، استدل على ذلك التنزيه بأن الكل خلقه ، محيط بهم علمه ، ولن يكون المصنوع كالصانع ، فقال : { بديع السماوات والأرض } أي مبدعهما ، وله صفة الإبداع ، أي القدرة على الاختراع ثابتة ، ومن كان كذلك فهو غني عن التوليد ، فلذا حسن التعجب في قوله : { أنَّى } أي كيف ومن أيّ وجه { يكون له ولد } وزاد في التعجيب بقوله : { ولم } أي الحال أنه لم { يكن{[30700]} له صاحبة و } الحال أنه { خلق كل شيء } أي مقدور ممكن من كل صاحبة تفرض{[30701]} ، وكل ولد يتوهم ، وكل شريك يدعي فكيف يكون المبدع محتاجاً إلى شيء من ذلك على وجه التوليد{[30702]} أو غيره .

ولما كانت القدرة لا تتم إلا بشمول العلم قال : { وهو } ولم يضمر تنبيهاً على أن{[30703]} عموم العلم{[30704]} لا تخصيص فيه كالخلق فقال : { بكل شيء عليم* } أي فهو على كل شيء قدير ، لأن شمول العلم يلزمه تمام القدرة - كما يأتي برهانه إن شاء الله في طه ، ومن كان له ولد لم يكن محيط العلم ولا القدرة ، بل يكون محتاجاً إلى التوليد .


[30700]:هذه قراءة إبراهيم النخعي، وقرأ الباقون بالتأنيث، وفي ظ: لم يكن- كذا.
[30701]:في الأصل: تعريض، وفي ظ: يفرض.
[30702]:في ظ: التولد.
[30703]:من ظ، وفي الأصل: العموم.
[30704]:من ظ، وفي الأصل: العموم.