السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَوۡ كَانَ عَرَضٗا قَرِيبٗا وَسَفَرٗا قَاصِدٗا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (42)

ونزل في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك : { لو كان } ما تدعوهم إليه { عرضاً } أي : متاعاً من الدنيا ، يقال : الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر { قريباً } أي : سهل المأخذ وقوله تعالى : { وسفراً قاصداً } أي : وسطاً فحذف اسم كان وهو ما قدرته ، قال الزجاج : لدلالة ما تقدم عليه وإنما سمي السفر قاصداً لأن المتوسط بين الإفراط والتفريط يقال له : مقتصد قال تعالى : { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد } ( فاطر ، 32 ) لأن المتوسط بين الكثرة والقلة يقصده كل أحد وقوله تعالى : { قاصداً } أي : ذا قصد كقولهم : لابن وتامر { لاتبعوك } أي : وافقوك طلباً للغنيمة { ولكن بعدت عليهم الشقة } أي : المسافة التي تقطع بمشقة { وسيحلفون } أي : المتخلفون { بالله } إذا رجعت من تبوك معتذرين { لو استطعنا } أي : لو كان لنا استطاعة بالبدن أو العدة { لخرجنا } أي : في هذه الغزاة { معكم يهلكون أنفسهم } أي : بسبب هذه الأيمان الكاذبة كما قال تعالى : { والله يعلم إنهم لكاذبون } في ذلك لأنهم كانوا مستطيعين الخروج .