السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞وَلَوۡ أَرَادُواْ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّواْ لَهُۥ عُدَّةٗ وَلَٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ فَثَبَّطَهُمۡ وَقِيلَ ٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡقَٰعِدِينَ} (46)

{ ولو أرادوا الخروج } إلى الغزو معك { لأعدّوا له } أي : قبل حلوله { عدّة } أي : قوّة وأهبة من المتاع والسلاح والكراع بحيث يكونون كالحاضرين في صلب الحرب الواقفين في الصف قد استعدوا لها بجميع عدتها ، ولما كان قوله تعالى : { ولو أرادوا الخروج } يعطي معنى نفي خروجهم واستعدادهم للغزو أتى تعالى بحرف الاستدراك فقال تعالى : { ولكن كره الله انبعاثهم } أي : لم يرض خروجهم معك إلى الغزو { فثبطهم } أي : حبسهم بالجبن والكسل { وقيل } لهم { اقعدوا مع القاعدين } أي : مع النساء والصبيان والمرضى وأهل الأعذار ومعنى { قيل لهم } أي : قدر الله تعالى عليهم ذلك بأن ألقى في قلوبهم القعود لما كره الله انبعاثهم مع المؤمنين ، وقيل القائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لما استأذنوه في القعود فقال لهم : اقعدوا مع القاعدين .

فإن قيل : خروج المنافقين مع النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون فيه مصلحة أو مفسدة فإن كان فيه مصلحة فلِمَ قال تعالى : { ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم } وإن فيه مفسدة فلم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { عفا الله عنك لم أذنت لهم } في ترك الخروج ؟أجيب : بأن خروجهم فيه مفسدة عظيمة بدليل قوله تعالى :

{ لو خرجوا فيكم }