السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَوۡ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ سَمَّـٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (47)

{ لو خرجوا فيكم } أي : معكم { ما زادوكم } بخروجهم { إلا خبالاً } أي : فساداً وشراً بتخذيل المؤمنين وتقدم الكلام على قوله : { لم أذنت لهم } .

تنبيه : لا يصح أن يكون فيه الاستثناء منقطعاً لأنّ الاستثناء المنقطع يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه كقوله : { ما زادوكم خيراً إلا خبالاً } والمستثنى منه في هذا الكلام غير مذكور وإذا لم يذكر ووقع الاستثناء من أعم العام كأنه قيل : ما زادوكم شيئاً إلا خبالاً { ولأوضعوا } أي : أسرعوا { خلالكم } أي : بينكم فيما يخل بكم بالمشي بالنميمة { يبغونكم الفتنة } أي : يطلبون منكم ما تفتتنون به وذلك أنهم يقولون للمؤمنين : لقد جمعوا لكم كذا وكذا ولا طاقة لكم بهم وإنكم ستهزمون منهم وسيظهرون عليكم ، ونحو ذلك من الأحاديث الكاذبة التي تجبنهم { وفيكم } أي : والحال أن فيكم { سماعون لهم } أي : عيون لهم يؤدون لهم أخباركم وما يسمعون منكم وهم الجواسيس أو مطيعون لهم يسمعون كلام المنافقين ويطيعونهم وذلك أنهم يلقون إليهم أنواعاً من الشبهات الموجبة لضعف القلب فيقبلونها منهم .

فإن قيل : كيف يكون في المؤمنين الخالصين من يطيع المنافقين ؟ أجيب : بأنهم ربما قالوا قولاً أثر في قلوب ضعفة المؤمنين في بعض الأحوال وقوله تعالى : { والله عليم بالظالمين } وعيد وتهديد للمنافقين الذين يلقون الفتن والشبهات بين المؤمنين .