إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَيَقُولُونَ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۖ فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَيۡبُ لِلَّهِ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ} (20)

{ وَيَقُولُونَ } حكاية لجناية أخرى لهم معطوفةٌ على قوله تعالى : { وَيَعْبُدُونَ } وصيغةُ المضارعِ لاستحضار صورةِ مقالتهم الشنعاءِ والدلالةِ على الاستمرار والقائلون أهلُ مكة { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ من رَّبّهِ } أرادوا آيةً من الآيات التي اقترحوها كأنهم لفرط العتوِّ والفساد ونهايةِ التمادي في المكابرة والعِناد لم يعدّوا البيناتِ النازلةَ عليه عليه الصلاة والسلام من جنس الآياتِ واقترحوا غيرَها مع أنه قد أُنزل عليه من الآيات الباهرةِ والمعجزاتِ المتكاثرةِ ما يضطرهم إلى الانقياد والقبولِ لو كانوا من أرباب العقولِ { فَقُلْ } لهم في الجواب { إِنَّمَا الغيب للَّهِ } اللامُ للاختصاص العلميِّ دون التكوينيِّ فإن الغيبَ والشهادةَ في ذلك الاختصاصِ سيان والمعنى أن ما اقترحتموه زعمتم أنه من لوازمِ النبوة وعلّقتم إيمانَكم بنزوله من الغيوب المختصّة بالله تعالى لا وقوف لي عليه { فانتظروا } نزولَه { إني مَعَكُم منَ المنتظرين } أي لما يفعل الله بكم لاجترائكم على مثل هذه العظيمةِ من جحود الآياتِ واقتراحِ غيرِها وجعلُ الغيبِ عبارةً عن الصارف عن إنزال الآياتِ المقترحةِ يأباه ترتيبُ الأمرِ بالانتظار على اختصاص الغيبِ به تعالى .