فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَقُولُونَ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۖ فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَيۡبُ لِلَّهِ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ} (20)

{ ولولا كلمة سبقت من ربك } وهي أنه سبحانه لا يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه إلا يوم القيامة { لقضي بينهم } في الدنيا بنزول العذاب وتعجيل العقوبة للمكذبين وكان ذلك فصلا بينهم { فيما فيه يختلفون } لكنه قد امتنع ذلك بالكلمة التي لا تتخلف ، وقيل المعنى لقضي بينهم بإقامة الساعة عليهم ، وقيل لفرغ من هلاكهم وقيل : الكلمة أن الله أمهل هذه الأمة فلا يهلكهم بالعذاب في الدنيا قاله الكلبي .

وقيل الكلمة أنه لا يأخذ أحدا إلا بالحجة وهي إرسال الرسل كما قال تعالى : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } وقيل الكلمة قوله سبقت رحمتي غضبي وعبر بالمضارع عن الماضي حكاية للحال الماضية .

{ ويقولون } ذكر سبحانه هاهنا نوعا رابعا من مخازيهم وجاء بالمضارع لاستحضار صورة ما قالوه قيل والقائلون هم أهل مكة كأنهم لم يعتدوا بما قد نزل على رسوله صلى الله عليه وسلم من الآيات الباهرة والمعجزات القاهرة التي لو لم يكن منها إلا القرآن لكفى به دليلا بينا ومصدقا قاطعا .

{ لولا } أي هلا { أنزل عليه آية } من الآيات التي نقترحها عليه ونطلبها منه كإحياء الأموات وجعل الجبال ذهبا ونحو ذلك { من ربه } كما كان للأنبياء من الناقة والعصا واليد ، ثم أمره الله سبحانه أن يجيب عنهم فقال : { فقل إنما الغيب لله } أي أن نزول الآية غيب والله هو المحيط بعلمه المستأثر به لا علم لي ولا لكم لسائر مخلوقاته وإنما علي التبليغ .

{ فانتظروا } نزول ما اقترحتموه من الآيات { إني معكم من المنتظرين } لنزولها وقيل المعنى انتظروا قضاء الله بيني وبينكم بإظهار الحق على الباطل ، وقال الربيع : خوفهم عذابه وعقوبته إن لم يؤمنوا .