محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَيَقُولُونَ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۖ فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَيۡبُ لِلَّهِ فَٱنتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِينَ} (20)

[ 20 ] { ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين 20 } .

{ ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه } أي من الآيات التي اقترحوها تعنتا وعنادا ، وكانوا لا يعتدّون بما أنزل عليه من الآيات العظام المتكاثرة ، التي لم ينزل على أحد من الأنبياء مثلها ، وكفى بالقرآن وحده آية باقية على وجه الدهر ، بديعة غريبة من الآيات . { فقل إنما الغيب لله } أي هو مختص بعلم الغيب ، المستأثر به ، لا علم لي ولا لأحد به . يعني أن الصارف عن إنزال الآيات المقترحة أمر مغيّب لا يعلمه إلا هو .

{ فانتظروا إني معكم من المنتظرين } أي فيما يقضيه الله تعالى في عاقبة تعنتكم ، فإن العاقبة للمتقين . وقد قال تعالى في آية أخرى{[4722]} : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } . وقال تعالى{[4723]} : { ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين } أي فمثل هؤلاء أقل من أن يجابوا لمقترحهم ، لفرط عنادهم . ولا يخفى أن القرآن الكريم لما قام به الدليل القاهر على صدق نبوته عليه السلام لإعجازه كان طلب آية أخرى سواه من مقترحهم مما لا حاجة له في صحة نبوته . وتقرير رسالته . فمثلها يكون مفوضا إلى مشيئته تعالى ، فتردّ إلى غيبه ، وسواء أنزلت أولا ، فقد ثبتت نبوته ، ووضحت رسالته ، صلوات الله عليه .


[4722]:[17 / الإسراء / 59].
[4723]:[10 / يونس / 96، -97].