{ وَمَا كَانَ الناس إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } بيانٌ لأن التوحيدَ والإسلامَ ملةٌ قديمةٌ أجمعت عليها الناسُ قاطبة فطرةً وتشريعاً وأن الشركَ وفروعَه جهالاتٌ ابتدعها الغواةُ خلافاً للجمهور وشقاً لعصا الجماعةِ ، وأما حملُ اتحادِهم على الاتفاق على الضلال عند الفترةِ{[384]} واختلافُهم على ما كان منهم من الاتباع والإصرارِ فمما لا احتمالَ له ، أي وما كان الناسُ كافةً من أول الأمرِ إلا متفقين على الحق والتوحيد من غير اختلافٍ ، وذلك من عهد آدمَ عليه الصلاة والسلام إلى أن قتل قابيلُ هابيلَ ، وقيل : إلى زمن إدريسَ عليه السلام وقيل : إلى زمن نوحٍ عليه السلام وقيل : من حينِ الطوفانِ حينَ لم يذر الله من الكافرين دياراً إلى أن ظهر فيما بينهم الكفرُ ، وقيل : من لدُنْ إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام إلى أن أظهر عمْرُو بنُ لحيَ عبادةَ الأصنام ، فالمرادُ بالناس العربُ خاصةً وهو الأنسب بإيراد الآيةِ الكريمة إثرَ حكايةِ ما حُكي عنهم من الهَنات وتنزيهِ ساحةِ الكبرياء عن ذلك { فاختلفوا } بأن كفرَ بعضُهم وثبت آخرون على ما هم عليه فخالف كلٌّ من الفريقين الآخرَ لا أن كلاًّ منهما أحدث ملةً على حدة من ملل الكفرِ مخالفةً لملة الآخر ، فإن الكلامَ ليس في ذلك الاختلافِ إذ كلٌّ منهما مبطِلٌ حينئذ فلا يُتصوَّر أن يقضى بينهما بإبقاء المُحقّ وإهلاكِ المبطل ، والفاء التعقيبيةُ لا تنافي امتدادَ زمانِ الاتفاقِ إذ المرادُ بيانُ وقوعِ الاختلاف عقيبَ انصرامِ مدةِ الاتفاقِ لا عقيبَ حدوثِ الاتفاق { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن ربّكَ } بتأخير القضاءِ بينهم أو بتأخير العذابِ الفاصل بينهم إلى يوم القيامة فإنه يومُ الفصل { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } عاجلاً { فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } بتمييز الحقِّ من الباطل بإبقاء الحقِّ وإهلاكِ المبطل . وصيغةُ الاستقبال لحكاية الحالِ الماضيةِ وللدلالة على الاستمرار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.