إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۖ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُفۡتَرُونَ} (50)

{ وإلى عاد } متعلقٌ بمضمر معطوفٌ على قوله تعالى : { أرسلنا } في قصة نوحٍ وهو الناصبُ لقوله تعالى : { أَخَاهُم } أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم أي واحداً منهم في النسَب كقولهم : يا أخا العرب ، وتقديمُ المجرورِ على المنصوب هاهنا للحِذارِ عن الإضمار قبل الذكر ، وقيل : متعلّقٌ بالفعل المذكورِ فيما سبق وأخاهم معطوفٌ على نوحاً وقد مر في سورة الأعراف وقوله تعالى : { هُوداً } عطفُ بيانٍ لأخاهم وكان عليه الصلاة والسلام من جملتهم فإن هودُ بنُ عبدِ اللَّه بنِ رباحِ بن الخلود بن العوص بن إرمَ بنِ سامِ بنِ نوحٍ عليه الصلاة والسلام ، وقيل : هودُ بنُ شالح بنِ أرفخشذَ بنِ سامِ بن نوحٍ بنِ عمّ أبي عاد ، وإنما جعل منهم لأنهم أفهمُ لكلامه وأعرفُ بحاله وأرغبُ في اقتفائه { قَالَ } لما كان ذكرُ إرسالِه عليه الصلاة والسلام إليهم مظنةً للسؤال عما قال لهم ودعاهم إليه أُجيب عنه بطريق الاستئنافِ فقيل : { يَا قَوْمِ اعْبدُوا الله } أي وحده كما ينبىء عنه قوله تعالى : { مَا لَكُم منْ إله غَيرُهُ } فإنه استئنافٌ يجري مَجرى البيان للعبادة المأمورِ بها ، والتعليلُ للأمر بها كأنه قيل : خُصّوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئاً ، إذ ليس لكم من إله سواه ، وغيرُه بالرفع صفةٌ لإله باعتبار محلِّه وقرئ بالجر حملاً له على لفظه { إِن أَنْتُم } ما أنتم باتخاذكم الأصنامَ شركاءَ له أو بقولكم : إن الله أمرنا بعبادتها { إلاَّ مُفْتَرُون } عليه تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً .