إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ} (6)

وقولُه تعالَى : { لَكُمْ دِينَكُمْ } تقريرٌ لقولِه تعَالَى : { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } وقولِه تعالَى : { وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } ، كمَا أنَّ قولَه تعالَى : { وَلِيَ دِينِ } تقريرٌ لقولِه تعالَى : { وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ } ، والمَعْنى أنَّ دينَكُم الذي هُوَ الإشراكُ مقصورٌ على الحصولِ لكُم ، لا يتجاوزُهُ إلى الحصولِ لِي أيضاً كما تطمعونَ فيهِ ، فلاَ تعلقُوا بهِ أمانيَّكُم الفارغةَ ، فإنَّ ذلكَ مِنَ المُحالاتِ ، وأنَّ دينيَ الذي هُوَ التوحيدُ مقصورٌ على الحصولِ لي ، لا يتجاوزُه إلى الحصولِ لكُم أيضاً ؛ لأنَّكم علقتمُوه بالمحالِ الذي هُوَ عبادتِي لآلهتِكم ، أو استلامِي إيَّاها ، ولأنَّ ما وعدتمُوه عينُ الإشراكِ . وحيثُ كانَ مَبْنى قولِهم : تعبدُ آلهتَنَا سنةً ونعبدُ إلهك سنةً على شركةِ الفريقينِ في كلتا العبادتينِ ، كان القصرُ المستفادُ من تقديمِ المسندِ قصرُ إفرادٍ حتماً ، ويجوزُ أن يكونَ هذا تقريراً لقولِه تعالَى : { وَلا أَنَا عَابِدٌ ما عَبَدتُّمْ } أيْ ولِي دِيني لا دينُكم ، كمَا هُوَ في قولِه تعَالَى : { وَلَكُم ما كَسَبْتُم } [ سوة البقرة ، الآية 134 و141 ] وقيلَ : المَعْنى إنِّي نبيٌّ مبعوثٌ إليكُم لأدعوَكُم إلى الحقِّ والنجاةِ ، فإذَا لم تقبلُوا مِنِّي ، ولَمْ تتبعونِي ، فدعونِي كَفافاً ، ولا تدعونِي إلى الشركِ ، فتأملْ .

ختام السورة:

عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قرأَ سورةَ الكافرونَ فكأنَّما قرأَ ربعَ القرآنِ ، وتباعدتْ عنْهُ مردةُ الشياطينِ ، وبرئَ مِنَ الشركِ ، وتعافَى مِنَ الفزعِ الأكبرِ » .