إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فِي جِيدِهَا حَبۡلٞ مِّن مَّسَدِۭ} (5)

{ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ من مسَدٍ } جملةٌ من خبرٍ مقدمٍ ومبتدأ مؤخرٍ ، والجملةُ حاليةٌ . وقيلَ : الظرفُ خبرٌ لامرأتِه ، وحبلٌ مرتفعٌ بهِ على الفاعليةِ . وقيلَ : هُو حالٌ من امرأتِه ، على تقديرِ عطفِها على ضميرِ سيصلَى ، وحبلٌ فاعلٌ كما ذُكرَ ، والمسدُ ما يُفتلُ من الحبالِ فتلاً شديداً من ليفِ المقلِ ، وقيلَ : من أيِّ ليفٍ كانَ ، وقيلَ : من لُحاءِ شجرٍ باليمنِ ، وقَدْ يكونُ من جلودِ الإبلِ وأوبارِها ، والمَعْنى : في عنقِها حبلٌ ممَّا مسدَ من الحبالِ ، وأنها تحملُ تلكَ الحزمةَ من الشوكِ ، وتربطُها في جيدِها كما يفعلُ الحطابونَ تخسيساً بحالِها ، وتصويراً لهَا بصورةِ بعضِ الحطاباتِ من المواهنِ ، لتمتعضَ من ذلكَ ، ويتمعضَ بعلُها ، وهُما في بيتِ العزِّ والشرفِ . قالَ مُرةُ الهَمْدانيُّ : كانتْ أمُّ جميلٍ تأتِي كُلَّ يومٍ بإبالةٍ من حَسَكٍ فتطرحُها على طريقِ المسلمينَ ، فبينَا هي ذاتَ ليلةٍ حاملةٌ حزمةً أعيتْ فقعدتْ على حجرٍ لتستريحَ ، فجذبَها الملكُ من خلفِها فاختنقتْ بحبلِها .

ختام السورة:

عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قرأَ سورةَ ( تبتْ ) رجوتُ أنْ لا يجمعَ الله بينَهُ وبينَ أبي لهبٍ في دارٍ واحدةٍ » .