إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المسد مكية ، وآيها خمس .

{ تبت } أيْ هلكَتْ { يَدَا أَبِى لَهَبٍ } هُو عبدُ العُزَّى بنُ عبدِ المطلبِ ، وإيثارُ التبابِ على الهلاكِ وإسنادُهُ إلى يديهِ لما رُويَ أنَّهُ لما نزلَ { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاقربين } [ سورة الشعراء ، اٍلآية 214 ] رَقَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصَّفَا وجمعَ أقاربَهُ فأنذرهُم ، فقالَ أبُو لهبٍ : تباً لكَ ، ألِهذَا دعوتَنَا ؟ وأخذَ حجراً ليرميهِ عليهِ السلامُ بهِ . { وَتَبَّ } أيْ وهلكَ كُلُّه ، وقيلَ : المرادُ بالأولِ هلاكُ جملتِه كقولِه تعالَى : { وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة } [ سورة البقرة ، الآية 195 ] ومَعْنى وتَبَّ : وكانَ ذلكَ وحصلَ ، كقولِ من قالَ : [ الطويل ]

جَزَانِي جَزَاهُ الله شَرَّ جزائِه *** جزاءَ الكلابِ العاوياتِ وَقَدْ فَعَلْ{[870]}

ويؤيدُه قراءةُ من قَرأ ( وقَدْ تَبَّ ) .

وقيلَ : الأولُ إخبارٌ عن هلاكِ عملِه ؛ لأنَّ الأعمالَ تزاولُ غالباً بالأيدِي ، والثانِي إخبارٌ عن الهلاك نفسه .

وقيل : كلاهما دعاء عليه بالهلاك .

وقيل : الأول دعاء ، والثاني إخبار .

وذِكرُ كنيتِه للتعريضِ بكونِه جهنمياً ، ولاشتهارِه بهَا ، ولكراهةِ ذكرِ اسمِه القبيحِ .

وقُرِئَ ( أَبُو لهبٍ ) كما قيلَ : عليُّ بنُ أبُو طالبٍ ، وقرئَ ( أبي لَهْبٍ ) بسكون الهاء .


[870]:ورد في المعجم صدر البيت كالآتي: جزى ربه عني عدي بن حاتم *** ... إلى آخر البيت. وهو للنابغة الذبياني في ديوانه (ص191)، والخصائص (1/294)، وله أو لأبي الأسود الدؤلي في خزانة الأدب (1/277، 278، 281، 287)؛ وللنابغة أو لأبي الأسود أو لعبد الله بن همارق في المقاصد النحوية (2/487)، ولأبي الأسود في ملحق ديوانه (ص401)، وبلا نسبة في أوضح المسالك (2/125) وفي لسان العرب (15/108).