تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ أَن تَذۡهَبُواْ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأۡكُلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَأَنتُمۡ عَنۡهُ غَٰفِلُونَ} (13)

وقوله تعالى : ( قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ) قال : إني ليحزنني عند الواقع به والغائب عنه من النعمة التي أنعم عليه لأنه كان نعمة عظيمة له . فإن النظر إليه وذكر الحزن على ما فات عنه ، وذكر الخوف لما خاف وقوعه في وقت يأتي ، وما سيقع . فهذا تفسير قوله : ( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )[ البقرة : 62 ] لأنه موجود للحال غير فائت ، ( ولا خوف عليهم ) أي يخافون فوته لأن خوف فوت النعمة ينغص على صاحبه النعمة ، فأمنهم على ذلك . وهو ما ذكرنا أن الحزن يكون بالواقع للحال والخوف على ما سيقع ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وأخاف أن يأكله الذئب ) قال بعض أهل التأويل كان يعقوب/250-أ/ عليه السلام رأى في المنام أن يوسف أخذه الذئب فلذلك[ في الأصل وم : فمن ثم ] قال : ( وأخاف أن يأكله الذئب ) أو يدعه يذهب معهم . لكنه خاف عليه أكل الذئب على ما يخاف على الصبيان في المفاوز و البراري ؛ إذ الخوف على الصبيان في المفاوز والبراري ، والضياع يكون بالذئب أكثر من وجه آخر لأنه جائز أن يفترسه سبع من السباع عند معاقصة إخوته واشتغالهم بما ذكر من الاستباق ، لا يحتمل الضياع من الناس يأخذه واحد من بين نفر .

وقال بعض أهل التأويل : إن قوله ( وأخاف أن يأكله الذئب ) كناية عن بنيه ، أي أخاف أن تهلكوه ، وتضيعوه .