{ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِى وَمَا نُعْلِنُ } من الحاجات وغيرِها ، والمرادُ بما نُخفي ما يقابل ما نعلن سواءٌ تعلق به الإخفاءُ أو لا ، أي تعلم ما نظهره وما لا نظهره فإن علمَه تعالى متعلّقٌ بما لا يخطُر بباله مما فيه من الأحوال الخفية فضلاً عن إخفائه ، وتقديمُ ما نخفي على ما نعلن لتحقيق المساواةِ بينهما في تعلق العلم بهما على أبلغ وجهٍ فكأن تعلقه بما يخفى أقدمُ منه بما يُعلن ، أو لأن مرتبة السرِّ والخفاءِ متقدمةٌ على مرتبة العلن إذ ما من شيء يُعلن إلا وهو قبل ذلك خفيٌّ فتعلقُ علمِه سبحانه بحالته الأولى أقدمُ من تعلقه بحالته الثانية ، وقصدُه عليه السلام أن إظهارَ هذه الحاجات وما هو من مباديها وتتماتها ليس لكونها غيرَ معلومةٍ لك ، بل إنما هو لإظهار العبوديةِ والتخشّعِ لعظمتك ، والتذلّل لعزتك ، وعرضِ الافتقارِ إلى ما عندك ، والاستعجالِ لنيل أياديك . وتكريرُ النداءِ للمبالغة في الضراعة والابتهال ، وضميرُ الجماعة لأن المرادَ ليس مجردَ علمِه تعالى بسرِّه وعلنه بل بجميع خفايا المُلك والملَكوت وقد حققه بقوله على وجه الاعتراض : { وَمَا يخفى عَلَى الله مِن شيء في الأرض وَلاَ في السماء } لما أنه العالمُ بالذات فما من أمر يدخُل تحت الوجود كائناً ما كان في زمان من الأزمان إلا ووجودُه في ذاته علمٌ بالنسبة إليه سبحانه ، وإنما قال : وما يخفي على الله الخ ، دون أن يقول : ويعلم ما في السموات والأرض تحقيقاً لما عناه بقوله : تعلم ما نخفي من أن علمَه تعالى بذلك ليس على وجه يكون فيه شائبةُ خفاءٍ بالنسبة إلى علمه تعالى كما يكون ذلك بالنسبة إلى علوم المخلوقاتِ ، وكلمةُ في متعلقةٌ بمحذوف وقع صفةً لشيءٍ ، أي من شيء كائنٍ فيهما ، أعمُّ من أن يكون ذلك على وجه الاستقرار فيهما ، أو على وجه الجزئيةِ منهما أو يخفى ، وتقديمُ الأرض على السماء مع توسيط لا بينهما باعتبار القربِ والبعدِ منا المستدعِيَين للتفاوت بالنسبة إلى علومنا ، والالتفاتُ من الخطاب إلى اسم الذاتِ المستجمعةِ للصفات لتربية المهابةِ والإشعارِ بعلة الحُكمِ على نهج قوله تعالى : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيف الخبير } [ الملك ، الآية 14 ] والإيذانِ بعمومه لأنه ليس بشأن يُختص به أو بمن يتعلق به ، بل شاملٌ لجميع الأشياء فالمناسبُ ذكرُه تعالى بعنوان مصحِّحٍ لمبدأ الكلّ ، وقيل : هو من كلام الله عز وجل وارد بطريق الاعتراض لتصديقه عليه السلام كقوله سبحانه : { وكذلك يَفْعَلُونَ } [ النمل ، الآية 34 ] ومن للاستغراق على الوجهين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.