إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَآءِ} (40)

{ رَبّ اجعلني مُقِيمَ الصلاة } مثابراً عليها معدّلاً لها ، وتوحيدُ ضمير المتكلم مع شمول دعوتِه لذريتِه أيضاً حيث قال : { وَمِن ذريتي } أي بعضِهم من المذكورين ومن يسير سيرتَهما من أولادهما للإشعار بأنه المقتدى في ذلك وذرّيتُه أتباعٌ له وإن ذكَرهم بطريق الاستطراد ، لا كما في قوله : { ربَّنَا إني أَسْكَنتُ } الخ ، فإن إسكانَه مع عدم تحققِه بلا ملابسةٍ لمن أسكنه إنما هو مذكورٌ بطريق التمهيد للدعاء الذي هو مخصوصٌ بذريته وإنما خَصّ هذا الدعاءَ ببعض ذريته لعلمه من جهة الله تعالى أن بعضاً منهم لا يكون مقيمَ الصلاة كقوله تعالى : { رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لكَ } [ البقرة ، الآية 128 ] { رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء } أي دعائيَ هذا المتعلِّقَ بجعلي وجعلِ بعض ذرّيتي مقيمي الصلاةِ ثابتين على ذلك مجتنبين عن عبادة الأصنامِ ، ولذلك جيء بضمير الجماعة .