إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (36)

{ رَبّ إِنَّهُنَّ } أي الأصنامَ { أَضْلَلْنَ كَثِيرًا منَ الناس } أي تسبّبن له كقوله تعالى : { وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا } [ الأنعام ، الآية 70 و 130 ] وهو تعليلٌ لدعائه وإنما صدّره بالنداء إظهاراً لاعتنائه به ورغبةً في استجابته { فَمَن تبعني } منهم فيما أدعو إليه من التوحيد وملةِ الإسلام { فَإِنَّهُ مِنّي } أي بعضي قاله عليه السلام مبالغةً في بيان اختصاصِه به ، أو متصلٌ بي لا ينفك عني في أمر الدين { وَمَنْ عصاني } أي لم يتبعْني ، والتعبيرُ عنه بالعصيان للإيذان بأن عليه السلام مستمرُّ الدعوة وأن عدم اتباعِ من لم يتبعْه إنما هو لعصيانه لا لأنه لم يبلُغْه الدعوة { فَإِنَّكَ غَفُورٌ رحِيمٌ } قادر على أن تغفِرَ له وترحَمه ابتداءً أو بعد توبتِه ، وفيه أن كل ذنبٍ فلَّله تعالى أن يغفرَه حتى الشركُ خلا أن الوعيدَ قضى بالفرق بينه وبين غيره .