إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لِيَحۡمِلُوٓاْ أَوۡزَارَهُمۡ كَامِلَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۗ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ} (25)

{ لِيَحْمِلُواْ } متعلق بقالوا أي قالوا ما قالوا ليحملوا { أَوْزَارَهُمْ } الخاصةَ بهم وهي أوزارُ ضلالهم { كَامِلَةٌ } لم يكفَّرْ منها شيءٌ بنكبة أصابتهم في الدنيا كما يكفّر بها أوزارُ المؤمنين { يَوْمُ القيامة } ظرفٌ ليحمِلوا { وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ } وبعضِ أوزارِ مَنْ ضل بإضلالهم وهو وِزرُ الإضلال لأنهما شريكان ، هذا يُضله وهذا يطاوعه ، فيتحاملان الوزر ، واللام للتعليل في نفس الأمر من غير أن يكون غرضاً ، وصيغةُ الاستقبال للدلالة على استمرار الإضلالِ أو باعتبار حال قولِهم لا حالِ الحمل { بِغَيْرِ عِلْمٍ } حال من الفاعل أي يضلونهم غيرَ عالمين بأن ما يدْعون إليه طريقٌ للضلال ، وأما حملُه على معنى غيرَ عالمين بأنهم يحمِلون يوم القيامة أوزارَ الضلال والإضلال على أن يكون العاملُ في الحال قالوا وتأييدُه بما سيأتي من قوله تعالى : { وأتاهم العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } من حيث إن حملِ ما ذكر من أوزار الضلالِ والإضلال من قبيل إتيانِ العذاب من حيث لا يشعرون فيردُّه أن الحملَ المذكورَ إنما هو يوم القيامة والعذابَ المذكور إنما هو العذابُ الدنيوي ، كما ستقف عليه ، أو حال من المفعول أي يضلون من لا يعلم أنهم ضُلاّلٌ ، وفائدةُ التقييد بها الإشعارُ بأن مكرهم لا يرُوج عند ذي لُب ، وإنما يتبعهم الأغبياءُ والجهلة ، والتنبيهُ على أن جهلَهم ذلك لا يكون عذراً إذ كان يجب عليهم أن يبحثوا ويميزوا بين الحقِّ الحقيقِ بالاتباع وبين المُبطل { أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } أي بئس شيئاً يزِرونه ما ذكر .