إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَأَنۡهَٰرٗا وَسُبُلٗا لَّعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ} (15)

{ وألقى في الأرض رَوَاسِيَ } أي جبالاً ثوابتَ ، وقد مر تحقيقُه في أول سورة الرعد { أَن تَمِيدَ بِكُمْ } كراهةَ أن تميل بكم وتضطربَ ، أو لئلا تميدَ بكم فإن الأرضَ قبل أن تُخلقَ فيها الجبالُ كانت كرةً خفيفةً بسيطةَ الطبع ، وكان من حقها أن تتحرك بالاستدارة كالأفلاك أو تتحركَ بأدنى سبب محرِّك ، فلما خُلقت الجبال تفاوتت حافّاتُها وتوجهت الجبالُ بثقلها نحو المركز فصارت كالأوتاد ، وقيل : لما خلق الله تعالى الأرض جعلت تمورُ فقالت الملائكة : ما هي بمقر أحدٍ على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال { وأنهارا } أي وجعل فيه أنهاراً لأن في ألقى معنى الجعل { وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } بها إلى مقاصدكم .