إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (117)

{ وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهَا آخَرَ } يعبدُه إفراداً أو إشراكاً { لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ } صفةٌ لازمةٌ لإلها كقولِه تعالى : { يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } جيءَ بها للتَّأكيدِ وبناءِ الحُكمِ عليه تنبيهاً على أنَّ التَّدينِ بما لا دليلَ عليه باطلٌ فكيفَ بما شهدتْ بديهةُ العُقولِ بخلافِه . أو اعتراضٌ بين الشَّرط والجزاءِ كقولِك : مَن أحسنَ إلى زيدٍ لا أحقَّ منه بالإحسانِ فالله مثيبُه { فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ } فهو مجازٍ له على قدرِ ما يستحقُّه { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون } أي إنَّ الشَّأنَ الخ . وقرئ بالفتحِ على أنَّه تعليلٌ أو خبرٌ ومعناهُ حسابُه عدمُ الفلاحِ .

والأصلُ : حسابُه إنَّه لا يُفلحُ هو فوُضعَ الكافرونَ موضعَ الضّميرِ لأنَّ من يدعُ في معنى الجمعِ وكذلك حسابُه أنَّه لا يفلحُ في معنى : «حسابُهم أنَّهم لا يُفلحون » . بُدئتِ السُّورةُ الكريمةُ بتقريرِ فلاحِ المُؤمنين وخُتمتْ بنفيِ الفلاحِ عن الكافرينَ