{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ } شروعٌ في بيانِ إهمال الأُمم السَّابقةِ وتركهم النَّظرَ والاعتبارَ فيما عُدِّد من النِّعمِ الفائتة للحصر وعدم تذكرهم بتذكير رسلهم وما حاقَ بهم لذلك من فُنون العذاب تحذيراً للمُخاطبين . وتقديمُ قصَّةِ نوحٍ عليه السَّلامُ على سائرِ القصصِ مما لا يخفى وجهُه ، وفي إيرادِها إثرَ قوله تعالى : { وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ } من حُسنِ الموقع ما لا يُوصف . والواوُ ابتدائيةٌ واللاَّمُ جوابُ قسمٍ محذوفٍ . وتصديرُ القِصَّةِ به لإظهارِ كمالِ الاعتناء بمضمونها أي وباللَّهِ لقد أرسلنا نوحاً الخ . ونسبهُ الكريمُ وكيفيَّةُ بعثهِ وكميَّةُ لبثهِ فيما بينهم قد مرَّ تفصيله في سُورة الأعرافِ وسُورة هُودٍ { فَقَالَ } متعطِّفاً عليهم ومستميلاً لهم إلى الحقِّ { يَا قوم اعبدوا الله } أي اعبدوه وحدَه كما يُفصح عنه قوله تعالى في سُورة هود : { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله } وتركَ التَّقييدِ به للإيذان بإنَّها هي العبادةُ فقط وأما العبادة بالإشراكِ فليستْ من العبادة في شيءٍ رأساً . وقولُه تعالى : { مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ } استئنافٌ مسوقٌ لتعليل العبادة المأمورِ بها أو تعليلِ الأمرِ بها . وغيرُه بالرَّفعِ صفةٌ لإله باعتبارِ محلِّه الذي هو الرَّفعُ على أنَّه فاعلٌ ، أو مبتدأٌ خبرُه لكُم ، أو محذوفٌ .
ولكُم للتَّخصيصِ والتَّبيينِ أي ما لكُم في الوجودِ أو في العالمِ إله غيرُه تعالى . وقرئ بالجرِّ باعتبار لفظه { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أنفسَكم عذابَه الذي يستوجبه ما أنتُم عليه من ترك عبادتهِ تعالى كما يُفصح عنه قولُه تعالى : { إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } وقولُه تعالى : { عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } وقيل أفلا تخافون أنْ ترفضُوا عبادة الله الذي هو ربُّكم الخ . وليس بذاكَ وقيل أفلا تخافون أنْ يُزيل عنكم نعمَه الخ وفيهِ ما فيهِ والهمزةِ لإنكارِ الواقعِ واستقباحهِ . والفاءُ للعطفِ على مقدَّرٍ يقتضيهِ المقامُ أي أتعرفون ذلك أي مضمونَ قوله تعالى : { مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ } فلا تتَّقون عذابَه بسبب إشراكِكم به في العبادة ما لا يستحقُّ الوجودَ لولا إيجادُ الله تعالى إيَّاهُ فضلاً عن استحقاقِ العبادة فالمنكر عدمُ الاتِّقاءِ مع تحقُّق ما يُوجبه ، أو ألا تلاحظُون ذلكَ فلا تتَّقُونه فالمنكرُ كلا الأمرينِ فالمبالغةُ حينئذٍ في الكميَّةِ وفي الأوَّلِ في الكيفيَّةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.