فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (23)

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ { 23 ) }

اللام في { ولقد } موطنة للقسم ، وقد للتحقيق ؛ وكأن المعنى : وقسما لقد أرسلنا وبعثنا نوحا نذيرا إلى قومه فناداهم بما يرقق قلوبهم ويستميلهم إلى إجابة النداء إذ هو منهم ورائدهم ، والرائد لا يكذب أهله ، وإنما يحرص على خيرهم وعزهم : وحدوا الله تعالى ، فما يستحق العبادة إلا هو ، أفلا تدركون ، فتتوقون نقمته ، وسخطه وبطشته ؟ ! أفلا تخشون بعبادتكم الأصنام عقابه أن يحل بكم ؟ ! {[2297]} والآيات الكريمة التي بينت جانبا من قصة نوح عليه السلام ههنا أوجزت سبيل الدعوة ، بينما الآيات المباركات في سورة نوح صلى الله عليه وسلم قد أفاضت في سبلها ، وتعدد أوقاتها ، وطرائق إعراض القوم عنها وردها ، بل والتواصي بمناوأتها والصبر على تقديس الأوثان التي دعا الله إلى التبرؤ منها والكفر بها : { وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ){[2298]} .

ومن هنا نتبين أن قصص الأنبياء في القرآن حين يتعدد إنما يعلم في كل مرة علما نافعا هاديا ، يثبت القلب ، وينفي الريب ، وليس تكرارا وترديدا لمعنى واحد ، كما يفتري بعض السفهاء من أعداء الدين ، فيفتن بزيفهم من حرم تدبر آي الكتاب المبين ؛ نسأل الله تعالى الهداية للحق ، والعصمة من الزيغ .


[2297]:ما بين العارضتين مما أورد الطبري؛ بتصرف.
[2298]:سورة نوح. الآية 23.