اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (23)

ولمّا بيَّن دلائل التوحيد أردفها بالقصص كما هو العادة في سائر السور قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ } الآيات .

قيل : كان نوح{[32535]} اسمه يشكر ثم{[32536]} سمي نوحاً لكثرة ما نَاحَ على نفسه حين دعا على قومه بالهلاك فأهلكهم الله بالطوفان فَندم على ذلك .

وقيل : لمراجعة ربه في شأن ابنه . وقيل : لأنه مر بكلب مجذوم ، فقال له : اخسأ يا قبيح ، فعوتب على ذلك ، وقال الله تعالى : أعِبْتني إذ خلقته ، أم عِبْتَ الكلب ، وهذه وجوه متكلفة ، لأن الأعلام لا تفيد صفة في المسمى {[32537]} .

قوله : { يا قوم اعبدوا الله } : وَحِّدُوه { مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ } أي : أنَّ عبادة غير الله لا تجوز إذ لا إله سواه . وقُرئ «غَيْرُهُ »{[32538]} بالرفع على المحل ، وبالجر على اللفظ{[32539]} .

ثم إنه لمّا لَمْ ينفع فيهم الدعاء واستمروا على عبادة غير الله حذرهم بقوله : «أَفَلاَ تَتَّقُونَ » زجرهم وتوعدهم باتقاء العقوبة لينصرفوا عما هم عليه{[32540]} .


[32535]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 23/92.
[32536]:في ب: و.
[32537]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 23/92.
[32538]:"غيره" : سقط من الأصل.
[32539]:والقراءة بالجر قراءة الكسائي وأبي جعفر، والباقون بالرفع فـ "غيره" بالجر صفة لـ "إله" على اللفظ، وبالرفع على محل "إله" السبعة (284)، الكشف 1/467، الكشاف 3/45، الإتحاف 318.
[32540]:انظر الفخر الرازي 23/92.