فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (23)

لما ذكر سبحانه الفلك أتبعه بذكر نوح ؛ لأنه أوّل من صنعه ، وذكر ما صنعه قوم نوح معه بسبب إهمالهم للتفكر في مخلوقات الله سبحانه والتذكر لنعمه عليهم فقال : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ } وفي ذلك تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتسلية له ببيان أن قوم غيره من الأنبياء كانوا يصنعون مع أنبيائهم ما يصنعه قومه معه ، واللام جواب قسم محذوف { فَقَالَ يا قوم اعبدوا الله } أي اعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئاً كما يستفاد من الآيات الآخرة ، وجملة : { مَا لَكُم مّنْ إله غَيْرُهُ } واقعة موقع التعليل لما قبلها ، وارتفاع { غيره } لكونه وصفاً لإله على المحل ؛ لأنه مبتدأ خبره لكم ، أي ما لكم في الوجود إله غيره سبحانه ، وقرئ بالجرّ اعتباراً بلفظ إله { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي أفلا تخافون أن تتركوا عبادة ربكم الذي لا يستحقّ العبادة غيره ، وليس لكم إله سواه . وقيل : المعنى أفلا تخافون أن يرفع عنكم ما خوّلكم من النعم ويسلبها عنكم . وقيل : المعنى : أفلا تقون أنفسكم عذابه الذي تقتضيه ذنوبكم .

/خ41