{ واتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً } بعدما بيَّن حقيقةَ الحقِّ في مطلع السُّورةِ الكريمة بذكر تنزيله تعالى للفُرقان العظيم على رسولِه صلى الله عليه وسلم ووصفِه تعالى بصفاتِ الكمال وتنزيهه عمَّا لا يليقُ بشأنه الجليل عقَّب ذلك بحكايةِ أباطيلِ المُشركين في حقِّ المنزِّل سبحانَهُ والمنزَّلِ والمُنزَلِ عليه على التَّرتيب وإظهارِ بُطلانها . والإضمارُ من غير جريان ذكرِهم للثقة بدلالة ما قبله من نفيِ الشَّريكِ عليهم أي اتَّخذوا لأنفسِهم متجاوزين الله تعالى الذي ذُكر بعضُ شؤونِه الجليلةِ من اختصاصِ مُلكِ السماوات والأرضِ به تعالى وانتفاءِ الولد والشَّريكِ عنه وخلقِ جميعِ الأشياء وتقديرِها أبدعَ تقديرٍ آلهة { لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا } أي لا يقدرون على خلق شيءٍ من الأشياءِ أصلاً { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } كسائر المخلوقاتِ وقيل : لا يقدرُون على أنْ يختلقُوا شيئاً وهم يُختلقون حيث تختلقهم عبدتُهم بالنَّحت والتَّصويرِ . وقولُه تعالى : { وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } لبيان ما لم يدلَّ عليه ما قبله من مراتبِ عجزِهم وضعفِهم فإنَّ بعضَ المخلوقين العاجزينَ عن الخلقِ رُبَّما يملك دفعَ الضُّرِّ وجلبَ النَّفعِ في الجملة كالحيوان وهؤلاءِ لا يقدرونَ على التَّصرفِ في ضُرَ ما ليدفعُوه عن أنفسِهم ولا في نفعٍ ما حتَّى يجلبوه إليهم فكيف يملكون شَيئاً منهما لغيرِهم . وتقديمُ ذكرِ الضُّرِّ لأنَّ دفعَه مع كونِه أهمَّ في نفسه أوَّلُ مراتبِ النَّفعِ وأقدمُها . والتَّنصيصُ على قولِه تعالى : { وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةًَ وَلاَ نُشُوراً } أي لا يقدرون على التَّصرفِ في شيءٍ منها بإماتةِ الأحياءِ وإحياءِ المَوْتى وبعثِهم بعد بيانِ عجزِهم عمَّا هو أهونُ من هذه الأمور من دفع الضُّرِّ وجلب النَّفعِ للتَّصريحِ بعجزهم عن كلَّ واحدٍ ممَّا ذُكر على التَّفصيلِ والتَّنبيهِ على أنَّ الإله يجبُ أنْ يكونَ قادراً على جميعِ ذلك . وفيه إيذانٌ بغايةِ جهلهم وسَخافةِ عقولِهم كأنَّهم غيرُ عارفين بانتفاء ما نُفي عن آلهتِهم من الأمورِ المذكُورةِ مفترقون إلى التَّصريح بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.