إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٖۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡخُلُودِ} (34)

{ ادْخلُوهَا } والجمعُ باعتبارِ مَعْنى مَنْ وقولُه تعالى بالغيبِ متعلقٌ بمحذوفٍ هُو حالٌ منْ فاعلِ خشيَ أو مفعولِه ، أو صفةٌ لمصدرِه أي خشيةً ملتبسةً بالغيبِ حيثُ خشِيَ عقابَهُ وهو غائبٌ عنْهُ أو هُوَ غائبٌ عنِ الأعينِ لا يراهُ أحدٌ ، والتعرضُ لعنوانِ الرحمانيةِ للإشارةِ بأنَّهمْ معَ خشيتِهم عقابَهُ راجونَ رحمتَهُ أوْ بأنَّ علمَهُم بسعةِ رحمتِه تعالَى لاَ يصدُّهم عنْ خشيتِه تعالَى وأنَّهم عاملونَ بموجبِ قولِه تعالَى : { نَبّىء عِبَادِي أَنّي أَنَا الغفور الرحيم * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم } [ سورة الحجر ؛ الآٍية : 49 ] ووصفُ القلبِ بالإنابة لما أن العبرة برجوعه إلى الله تعالى { بِسَلامٍ } متعلق بمحذوف هو حالٌ مِنْ فاعلِ ادخلوهَا أيْ ملتبسينَ بسلامةٍ منَ العذابِ وزوالِ النعمِ أو بسلامٍ من جهةِ الله تعالَى وملائكتِه { ذلك } إشارةٌ إلى الزمانِ الممتدِّ الذي وقعَ فِي بعضٍ منْهُ ما ذُكِرَ منَ الأمورِ { يَوْمُ الخلود } إذْ لا انتهاءَ لهُ أبداً .