إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ} (22)

وقولُه تعالَى : { لقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا } محكيٌّ بإضمارِ قولٍ هُو إمّا صفةٌ أُخرى لنفسٍ أو حالٌ أخرَى منْها أو استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال نشأ مما قبلَهُ كأنَّه قيلَ فماذا يفعلُ بها فقيلَ يقالُ لقدِ كنتَ في غفلةٍ إلخ ، وخطابُ الكُلِّ بذلكَ لما أنَّه ما منْ أحدٍ إلا ولَهُ غفلةٌ ما عنِ الآخرةِ ، وقيلَ الخطابُ للكافرِ وقُرِئ كُنْتِ بكسرِ التاءِ على اعتبارِ تأنيثِ النفسِ والتذكيرُ عَلى القراءةِ المشهورةِ بتأويلِ الشخصِ كما في قول جَبلةَ بنِ حُريث : [ البسيط ]

يا نفسُ إِنكَ باللذاتِ مسرور *** فاذكرْ فهلْ ينفعَنْك اليومَ تذكيرُ{[748]}

{ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ } الغطاء : الحجابُ المُغطِّي لأمورِ المعادِ وهو الغفلةُ والإنهماكُ في المحسوساتِ والألْفُ بها وقصرُ النظرِ عَلَيها { فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ } نافذٌ لزوالِ المانعِ للإبصارِ وَقُرِئ بكسرِ الكافِ في المواضعِ الثلاثةِ .


[748]:ورد في المعجم المفصل وصدره كالآتي. يا قلب إنك من أسماء مغرور *** ... إلى آخر البيت وهو بلا نسبة في تاج العروس (أذذ) وفيه "تفكير" مكان "تذكير" وكذلك الرواية في التاج (خرنق)؛ ومعجم البلدان المعجم أورد البيت التالي: أستقدر الله خيرا وأرضين به *** فبينما العسر إذ دارت مياسير وهو لحريث بن جبلة أو لعثير بن لبيد في الدرر (3/100، 118) ولسان العرب (دهز).