وَقولُه تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض } استشهادٌ على شمولِ شهادتِهِ تَعَالَى كَمَا فِي قولِهِ تَعَالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَاجَّ إبراهيم فِي رِبّهِ } [ سورة البقرة ، الآية 258 ] وَفِي قَوْلِهِ تَعَالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ } [ سورة الشعراء ، الآية 225 ] أي ألمْ تَعلمْ علماً يقينياً متاخماً للمشاهدةِ بأنَّه تَعَالى يعلمُ مَا فِيهمَا مِنَ الموجوداتِ سواءٌ كانَ ذلكَ بالاستقرارِ فيهمَا أو بالجزئيةِ منهُمَا وَقَوْلُه تعالى : { مَا يَكُونُ مِن نجوى ثلاثة } الخ استئنافٌ مقررٌ لِمَا قَبْلَهُ من سعةِ علمِهِ تَعَالى وَمُبينٌ لكيفيتهِ ، ويكونُ منْ كانَ التامةِ وقُرئَ تكونُ بالتاءِ اعتباراً لتأنيثِ النَّجوى وإنْ كانَ غَيْرَ حقيقيَ أيْ ما يقعُ من تناجي ثلاثةِ نفرٍ أي منْ مسارتهم على أنَّ نَجْوى مضافةٌ إلى ثلاثةٍ أوْ عَلَى أَنَّها موصوفةٌ بِها إمَّا بتقديرِ مضافٍ أيْ منْ أهلِ نَجْوى ثلاثةٍ أو يجعلهُمْ نَجْوى فِي أنفسهِم مبالغةً ، { إِلاَّ هُوَ } أي الله عزَّ وجلَّ : { رَابِعُهُمْ } أيْ جاعلُهم أربعةً منْ حيثُ إنَّه تعالَى يشاركهُمْ فِي الإطلاعِ عَلَيها وهُوَ استثناءٌ مفرعٌ مِنْ أعمِّ الأحوالِ { وَلاَ خَمْسَةٍ } ولا نجوَى خمسةٍ { إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ } ، وتخصيصُ العدَدينِ بالذكرِ إما لخصوصِ الواقعةِ فإنَّ الآيةَ نزلتْ في تناجي المنافقينَ وإمَّا لِبناءِ الكلامِ عَلى أغلبِ عاداتِ المتناجينَ وقدُ عممَ الحكمَ بعدَ ذلكَ فقيلَ : { وَلاَ أدنى مِن ذَلِكَ } أيْ ممَّا ذُكرَ كالواحدِ والإثنينِ { وَلاَ أَكْثَرَ } كالستةِ وما فوقَها { إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ } يعلمُ مَا يَجْرِي بينَهم ، وقُرِئَ ولاَ أكثرُ بالرفعِ عطفاً عَلى محلِ منْ نَجْوى أو محلِ ولا أدْنَى بأنْ جُعِلَ لاَ لنفي الجنس ، { أَيْنَ مَا كَانُوا } من الأماكنِ ولو كانُوا تحتَ الأرضِ ، فإنَّ علمَهُ تعالىَ بالأشياءِ ليسَ لقربٍ مكانيَ حتَّى يتفاوت باختلافِ الأمكنةِ قُرباً وبُعداً { ثُمَّ يُنَبّئُهُم } وقُرِئَ يُنْبِئَهُمْ بالتَّخفيفِ { بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ القيامة } تفضيحاً لَهُمْ وَإِظهاراً لما يوجبُ عذابَهُم { إنَّ الله بِكُلّ شَيء عَلِيمٌ } لأنَّ نسبةَ ذاتِهِ المقتضيةِ للعلمِ إلى الكُلِّ سواءٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.