{ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ } لما رأى عليه السلام أن لهم غَرَضاً صحيحاً في ذلك ، وأنهم لا يُقلعون عنه ، أزمعَ على استدعائها واستنزالها ، وأراد أن يُلزِمَهم الحجةَ بكمالها . رُوي أنه عليه الصلاة والسلام اغتسل ولبس المِسْح وصلى ركعتين فطأطأ رأسه وغض بصرَه ثم قال : { اللهم رَبَّنَآ } ربنا ، ناداه سبحانه وتعالى مرتين ، مرةً بوصف الألوهية الجامعةِ لجميع الكمالات ، ومرةً بوصف الربوبية المُنْبئةِ عن التربية ، وإظهاراً لغاية التضرّع ، ومبالغةً في الاستدعاء { أُنزِلَ عَلَيْنَا } تقديمُ الظرف على قوله : { مَائِدَةً } لما مر مراراً من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ، وقوله : { منَ السماء } متعلق بأنزل أو بمحذوفٍ هو صفةٌ لمائدة ، أي كائنةً من السماء نازلةً منها . وقوله : { تَكُونُ لَنَا عِيداً } في محل النصب على أنه صفةٌ لمائدة ، واسم تكون ضمير المائدة ، وخبرُها إما عيداً و( لنا ) حال منه ، أو من ضمير ( تكون ) عند من يجوِّز إعمالَها في الحال ، وإما ( لنا ) ، وعيداً حال من الضمير في لنا ، لأنه وقع خبراً فيحمِلُ ضميراً ، أو من ضمير ( تكون ) عند من يرى ذلك ، أي يكون يومُ نزولها عيداً نعظمه ، وإنما أُسند ذلك إلى المائدة لأن شرَفَ اليوم مستعار من شرفها ، وقيل : العيدُ السرورُ العائد ، ولذلك سمِّيَ يومُ العيد عيداً ، وقرئ ( تكن ) بالجزم على جواب الأمر كما في قوله : { فَهَبْ لِي مِن لَدُنكَ وَلِيّاً يَرِثنِي } [ مريم ، الآية 6 ] خلا أن قراءةَ الجزم هناك متواترة وهاهنا من الشواذ { لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا } بدل من ( لنا ) بإعادة العامل ، أي عيداً لمتقدمينا ومتأخرينا . رُوي أنها نزلت يوم الأحد ، ولذلك اتخذه النصارى عيداً ، وقيل : للرؤساء منا والأتباع ، وقيل : يأكل منها أولُنا وآخرُنا ، وقرئ ( لأُولانا وأُخْرانا ) بمعنى الأمة والطائفة { وَآيَةً } عطف على عيداً { مِنكَ } متعلق بمحذوف وهو صفة لآية ، أي كائنةً منك دالةً على كمال قدرتك وصحةِ نبوتي { وارزقنا } أي المائدة أو الشكر عليها { وَأَنتَ خَيْرُ الرازقين } تذييلٌ جارٍ مَجْرى التعليل ، أي خيرُ من يرزق لأنه خالقُ الأرزاق ومعطيها بلا عِوَض ، وفي إقباله عليه السلام على الدعاء ، بتكرير النداء المُنْبئ عن كمال الضراعة والابتهال وزيادتِه ما لم يخطُرْ ببال السائلين من الأمور الداعية إلى الإجابة والقَبول ، دلالةٌ واضحةٌ على أنهم كانوا مؤمنين ، وأن سؤالهم كان لتحصيل الطمأنينة ، كما في قول إبراهيم عليه السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.