{ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدنيا } بدلٌ ثانٍ من ( يومَ الفرقان ) والعُدوةُ بالضم شطُّ الوادي وكذا بالفتح والكسر وقد قرىء بهما أيضاً { وَهُم بالعدوة القصوى } أي البُعدي من المدينة وهي تأنيثُ الأقصى وكان القياسُ قلبَ الواوِ ياءً كالدنيا والعليا مع كونهما من بنات الواو ، لكنها جاءت على الأصل كالقود واستُصوب وهو أكثرُ استعمالاً من القُصيا { والركب } أي العِيرُ أو قُوّادُها { أَسْفَلَ مِنكُمْ } أي في مكانٍ أسفلَ من مكانكم يعني الساحلَ وهو نصبٌ على الظرفية واقعٌ موقعَ الخبر والجملةُ حالٌ من الظرف قبله وفائدتُها للدلالة على قوة العدو واستظهارِهم بالركب وحِرصِهم على المقاتلة عنها وتوطينِ نفوسِهم على أن لا يُخْلوا مراكزَهم ويبذُلوا منتهى جهدِهم وضعفِ شأن المسلمين والتياثِ أمرِهم واستبعادِ غَلَبتِهم عادةً وكذا ذكرُ مراكزِ الفريقين ، فإن العُدوةَ الدنيا كانت رِخوةً تسوخُ فيها الأرجلُ ولا يمشى فيها إلا بتعب ولم يكن فيها ماءٌ بخلاف العُدوة القصوى وكذا قوله تعالى : { وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الميعاد } أي لو تواعدتم أنتم وهم القتالَ ثم علمتم حالَكم وحالَهم لاختلفتم أنتم في الميعاد هَيْبةً منهم ويأساً من الظفر عليهم ليتحققوا أن ما اتفق لهم من الفتح ليس إلا صُنعاً من الله عز وجل خارقاً للعادات فيزدادوا إيماناً وشكراً وتطمئن نفوسُهم بفرض الخُمس { ولكن } جمع بينكم على هذه الحال من غير ميعاد { ليَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } حقيقاً بأن يُفعل مِن نصْرِ أوليائِه وقهرِ أعدائِه ، أو مقدراً في الأزل وقوله تعالى : { ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَيُحْيي مِنْ حَي عَن بَيّنَةٍ } بدلٌ منه أو متعلقٌ بمفعولاً أي ليموتَ من يموتُ عن بينة عاينها ويعيشَ من يعيش عن بينة شاهدها لئلا يكونَ له حجةٌ ومعذرةٌ فإن وقعةَ بدرٍ من الآيات الواضحة أو ليصدُرَ كفرُ من كفر وإيمانُ من آمن عن وضوح بينةٍ على استعارة الهلاك والحياةِ للكفر والإيمان ، والمرادُ بمن هلك ومن حي المشارفُ للهلاكِ والحياة أو مَنْ حالُه في علم الله تعالى الهلاكُ والحياة ، وقرىء ليهلَك بالفتح وحيِيَ بفك الإدغام حملاً على المستقبل { وَإِنَّ الله لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي بكفر من كفر وعقابِه وإيمانِ من آمن وثوابِه ، ولعل الجمعَ بين الوصفين لاشتمال الأمرين على القول والاعتقاد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.