الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡنَا ٱلۡمُسۡتَقۡدِمِينَ مِنكُمۡ وَلَقَدۡ عَلِمۡنَا ٱلۡمُسۡتَـٔۡخِرِينَ} (24)

{ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ } .

ابن عبّاس : أراد بالمستقدمين : الأموات ، والمستأخرين : الأحياء .

عكرمة : المستقدمين : من خلق ، والمستأخرين : من لم يخلق ، قد علم من خلق إلى اليوم وقد علم من هو خالقه بعد اليوم .

قتادة : المستقدمون : من مضى ، والمستأخرون : من بقي في أصلاب الرجال .

الشعبي : من إستقدم في أول الخلق ، ومن إستأخر في آخر الخلق .

مجاهد : المستقدمون : القرون الأُولى ، والمستأخرون : أُمة محمّد ( صلى الله عليه وسلم ) .

الحسن : المستقدمون بالطاعة والخير ، والمستأخرون المبطئون عن الطاعة والخير .

وقيل : ولقد علمنا المستقدمين منكم في الصفوف في الصلاة ، والمستأخرين فيها بسبب النساء .

وروى أبو الجوزاء وابن أبي طلحة عن ابن عبّاس قال : كانت النساء يخرجن إلى الجماعات فيقوم الرجال صفوفاً [ خلف ] النبي صلى الله عليه وسلم والنساء صفوفاً خلف صفوف الرجال ، وربما كان في الرجال من في قلبه ريبة فيتأخر إلى الصف الأخير من صفوف الرجال ، وربما كان في النساء من في قلبها ريبة فتتقدّم إلى أول صف النساء لتقرب من الرجال ، وكانت إمرأة من أحسن الناس لا والله ما رأيت مثلها قط ، تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم وكان بعض الناس ويتقدّم في الصف الأوّل لئلا يراها ، ويستأخر بعضهم حتّى يكون في الصف المؤخر ، فإذا ركع وسجد نظر إليها من تحت يديه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خير صفوف الرجال أوّلها وشرّها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرّها أولها " .

وقال الربيع بن أنس : حضّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الأوّل في الصلاة فأزدحم الناس عليه ، وكانت بنو عذرة دورهم قاصية عن المسجد . فقالوا : نبيع دورنا ونشتري دوراً قريبة من المسجد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وفيهم نزلت :

{ إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ } [ يس : 12 ] .

الأوزاعي : { وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ } يعني المصلين في أوّل الأوقات ، { وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ } يعني المؤخرين صلاتهم إلى آخر الأوقات .

مقاتل بن حيان : يعني المستقدمين والمستأخرين في صف القتال . ابن عيينة : يعني من يسلم ومن لا يسلم .