بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡنَا ٱلۡمُسۡتَقۡدِمِينَ مِنكُمۡ وَلَقَدۡ عَلِمۡنَا ٱلۡمُسۡتَـٔۡخِرِينَ} (24)

{ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ } أي : الأموات { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين } يعني : الأحياء . ويقال : { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ } في الصف الأول { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين } في الصف الآخر . وروى أبو الجوزاء ، عن ابن عباس أنه قال : كانت امرأة حسناء تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان بعض القوم يتقدم الصف الأول لكيلا يراها ، ويتأخر بعضهم ، فإذا ركع ، نظر من تحت إبطيه ، فنزلَ { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين } ويقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم حرض الناس على الصف الأول ، وكان قوم بيوتهم قاصية من المسجد . فقالوا لنبيعن دورنا ، ونشتري دوراً قريبة من المسجد ، حتى ندرك الصف الأول . فصارت الديار البعيدة خالية . فقال النبي صلى الله عليه وسلم « مَنْ أَتَى المَسْجِدَ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ آثارُهُ وَيُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةٍ ، وتُرْفَعُ لَهُ كَذَا وَكَذَا دَرَجَةٍ » فجعل الناس يشترون الدور البعيدة من المسجد لكي يكتب لهم آثارهم ، فنزل { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين } ، وإنما يؤجرون بالنية . فاطمأنوا ، وسكنوا . وقال مجاهد : { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين } أي : ما مضى { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين } ما بقي من أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة : المستقدمين : آدم ومن مات قبل نزول هذه الآية . والمستأخرين من لم يخلق بعد ، كلهم قد علمهم . وقال الحسن : المستقدمين في الخير ، والمستأخرين عنه ، يقول : المبطئين .