قوله تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين } قال ابن عباس -رضي الله عنهما- المستقدمين : الأموات ، والمستأخرين : الأحياءُ{[19504]} .
وقال الشعبيُّ -رضي الله عنه- : الأولين ، والآخرين{[19505]} .
وقال عكرمة : المستقدمون : من خلق الله ، والمستأخرون : من لم يخلق{[19506]} .
وقيل : المستقدمين : القرون الأولى ، والمستأخرين : أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم .
وقال الحسن : المستقدمين : في الطَّاعة والخير ، والمستأخرين : في صفِّ القتال{[19507]} .
وقال ابن عيينه : أراد من سلم ، ومن لم يسلم .
وقال الأوزاعيُّ : أراد المصلِّين في أول الوقت ، المؤخِّرين إلى آخره .
روى أبو الجوزاء ، عن ابن عباس : كانت امرأةٌ حسناء تصلِّي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فكان قومٌ يتقدمون إلى الصف الأول ؛ لئلا يرونها ، وآخرون يتأخَّرون ، ليرونها{[19508]} .
وفي رواية : أنَّ النساء كنَّ يخرجن إلى الجماعة ، فيقفن خلف الرجال ، من النساء من في قلبها ريبة ، فتقدم إلى أول صفِّ النساء ؛ لتقرب من الرجال ؛ فنزلت الآية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خَيْرُ صُفوفِ الرِّجالِ أوَّلُها وشَرُّها أخرُهَا ، وخَيْرُ صُفوفِ النِّساءِ آخرُهَا وشَّرُّهَا أوَّلُهَا " {[19509]} .
وروي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رغَّب في الصف الأول في الصلاة [ فازدحم ] الناس عليه ؛ فأنزل الله -تبارك وتعالى- هذه الآية{[19510]} .
والمعنى : إنَّا نجزيهم على قدر نيَّاتهم .
قال القرطبي{[19511]} : " الآية تدلُّ على فضل أول الوقت في الصلاة ، وعلى فضل الصف الأوَّل ، كما تدل على فضل الصف الأول في الصَّلاة ، كذلك تدلُّ على فضل الصفِّ الأول في القتال ؛ فإنَّ القيام في وجه العدوِّ ، وبيع العبد نفسه من الله –تعالى- لا يوازيه عملٌ ، ولا خلاف في ذلك " .
واعلم أنَّ ظاهر الآية يدل على أنه لا يخفى على الله شيء من أحوالهم ؛ فيدخل فيه علمه بتقدّمهم ، وتأخرهم ، في الحدوثِ ، والوجود في الطاعات وغيرها ؛ فلا ينبغي أن تخص بحالةٍ دون حالةٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.