فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡنَا ٱلۡمُسۡتَقۡدِمِينَ مِنكُمۡ وَلَقَدۡ عَلِمۡنَا ٱلۡمُسۡتَـٔۡخِرِينَ} (24)

{ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَئخِرِينَ ( 24 ) } .

{ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ } المراد علمنا من تقدم ولادة وموتا ومن تأخر فيهما ؛ وقيل من تقدم طاعة ومن تأخر فيها ، وقيل من تقدم في صف القتال ومن تأخر ، وقيل المستقدمون هم الأمم المتقدمون على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم القيامة .

وقيل المستقدمون من قتل في الجهاد والمستأخرون من لم يقتل . وقيل من خلق ومن لم يخلق بعد ، وقيل من أسلم أولا ومن يسلم آخرا . واللفظ أوسع من ذلك ، واللام في الموضعين هي الموطئة للقسم .

وأخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسناء من أحسن النساء ، فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها ، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطيه ؛ فأنزل الله هذه الآية ، وقد رواه عبد الرزاق وابن المنذر من قول أبي الجوزاء عن ابن عباس . قال الترمذي وهذا أشبه أن يكون أصح .

وقال ابن كثير : في هذا الحديث نكارة شديدة وعن ابن عباس : قال : المستقدمين الصفوف المتقدمة والمستأخرين الصفوف المؤخرة ، وقد وردت أحاديث كثيرة في أن خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وعن مقاتل وعطاء إن الآية في صفوف القتال . وقال الحسن المستقدمين في طاعة الله والمستأخرين في معصية الله .

وعن ابن عباس يعني بالمستقدمين من مات والمستأخرين من هو حي لم يمت ، وقال أيضا المستقدمين آدم ومن مضى من ذريته ، والمستأخرين في أصلاب الرجال ، وعن قتادة نحوه .