إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡنَا ٱلۡمُسۡتَقۡدِمِينَ مِنكُمۡ وَلَقَدۡ عَلِمۡنَا ٱلۡمُسۡتَـٔۡخِرِينَ} (24)

{ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ } مَنْ تقدّم منكم ولادةً وموتاً { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين } من تأخر ولادةً وموتاً أو من خرج من أصلاب الآباءِ ومن لم يخرُجْ بعدُ ، أو مَنْ تقدم في الإسلام والجهاد وسبق إلى الطاعة ومن تأخر في ذلك ، لا يخفى علينا شيء من أحوالكم ، وهو بيانٌ لكمال علمِه بعد الاحتجاج على كمال قدرتِه ، فإن ما يدل عليها دليلٌ عليه ، وفي تكرير قوله تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمْنَا } ما لا يخفى من الدلالة على كمال التأكيدِ ، وقيل : رغّب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف الأول فازدحموا عليه فنزلت ، وقيل : إن امرأةً حسناءَ كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم بعضُ الناس لئلا يراها وتأخر آخرون ليرَوْها فنزلت ، والأول هو المناسب لما سبق وما لحق من قوله تعالى : { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إنه حكيم عليم } .