الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡ إِن فِي صُدُورِهِمۡ إِلَّا كِبۡرٞ مَّا هُم بِبَٰلِغِيهِۚ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (56)

( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ ) ما في قلوبهم ، والصدر موضع القلب فكنى به عن القلب لقرب الجوار ، ولهذا قيل للموضع الشريف من المجلس : صدر . ( إِلاَّ كِبْرٌ ) يتكبرون من أجله عن اتباعك وقبول الحق الذي أتيتهم به حسداً منهم وبغياً . ( مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ) يقول : الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بمدركيه ولا نائليه لأن ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ) وليس بالتمني .

قال مجاهد : معناه : إن في صدورهم إلا عظمة ما هم ببالغي تلك العظمة لأن الله تعالى مذلهم .

قال المفسرون : نزلت في اليهود ، وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن صاحبنا المسيح بن داود ، يعنون الدجال يخرج في آخر الزمان فيبلغ سلطانه البر والبحر ، ويرد الملك إلينا وتسير معه الأنهار ، وهو آية من آيات الله عز وجل{[20]} ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .

ثم قال : ( فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ) من فتنة الدجال ( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( 56 ) )


[20]:كلام كثير في نزول عيسى عليه السلام وخروج المهدي، والدجال والجساسة وفي ذلك كتبٌ كثيرة بين مؤيدة ومعارضة فمن قائل: لا مهدي إلاّ عيسى، ومن قائل: إن عيسى عليه السلام قد بلغ رسالته كما بلغ غيره من الأنبياء وانتهى أمره ولا عودة له مرة أخرى كأصحابه من الأنبياء إلاّ يوم يجمع الله الرسل، ومن متكلم عن الدابة وفي تضعيف الأحاديث الواردة فيها، وعلى العموم فمعظم ما هو في أمارات الساعة الكبرى ففيه نظر، والأولى ترك الخوض فيه لأنه في غالب رواياته ضعف ووضع وكذب على الله ورسوله والمؤمن يؤمن أن الله مميت الخلق وباعثهم ومحاسبهم ومجازيهم بالإحسان إحساناً وبالكفران عذاب النار، عافانا الله وإياكم من ذلك آمين وجعلنا وإياكم من المخلصين من المسلمين آمين.