محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡ إِن فِي صُدُورِهِمۡ إِلَّا كِبۡرٞ مَّا هُم بِبَٰلِغِيهِۚ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (56)

{ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } أي يدفعون الحق بالباطل ، ويردون الحجج الصحيحة بالشبه الفاسدة ، بلا برهان ولا حجة من الله { إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْر } أي : إلا تكبّر عن الحق وتعظم عن التفكر ، وغمط لمن جاءهم به ، حسدا منهم على الفضل الذي آتاك الله ، والكرامة التي أكرمك بها من النبوة { مَّا هُم بِبَالِغِيهِ } قال ابن جرير : {[6401]} أي الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بمدركيه ولا نائليه . لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . وليس بالأمر الذي يدرك بالأماني . وقد قيل : إن معناه إن في صدورهم إلا عظمة ، ما هم ببالغي تلك العظمة ، لأن الله مذلهم { فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ } قال ابن جرير : {[6402]}/ أي فاستجر بالله يا محمد ، من شر هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان ، ومن الكبر أن يعرض في قلبك منه شيء { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } أي يقولون وبما يعملون ، فسيجازيهم .

تنبيه :

قال كعب وأبو العالية : نزلت الآية في اليهود . وذلك أنهم ادعوا أن الدجال منهم ، وأنهم يملكون به الأرض . فأمر صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله من فتنته . قال ابن كثير : وهذا قول غريب ، وفيه تعسف بعيد . وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم . ولم يذكره ابن جرير ، على ولعه بالغريب والضعيف .

وفي ( الإكليل ) : ليس في القرآن الإشارة إلى الدجال إلا في هذه الآية ، أي على صحة هذه الرواية .


[6401]:انظر الصفحة رقم 76 من الجزء الرابع والعشرين (طبعة الحلبي الثانية).
[6402]:انظر الصفحة رقم 77 من الجزء الرابع والعشرين (طبعة الحلبي الثانية).