فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡ إِن فِي صُدُورِهِمۡ إِلَّا كِبۡرٞ مَّا هُم بِبَٰلِغِيهِۚ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (56)

{ إِنَّ الذين يجادلون في ءايات الله بِغَيْرِ سلطان أتاهم } أي بغير حجة ظاهرة واضحة جاءتهم من جهة الله سبحانه { إِن في صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } أي ما في قلوبهم إلا تكبراً عن الحق يحملهم على تكذيبك ، وجملة { مَّا هُم ببالغيه } صفة لكبر قال الزجاج : المعنى ما في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغي إرادتهم فيه ، فجعله على حذف المضاف . وقال غيره : ما هم ببالغي الكبر . وقال ابن قتيبة : المعنى إن في صدورهم إلا كبر ، أي تكبر على محمد صلى الله عليه وسلم ، وطمع أن يغلبوه ، وما هم ببالغي ذلك . وقيل : المراد بالكبر : الأمر الكبير ، أي يطلبون النبوّة ، أو يطلبون أمراً كبيراً يصلون به إليك من القتل ونحوه ، ولا يبلغون ذلك . وقال مجاهد : معناه في صدورهم عظمة ما هم ببالغيها . والمراد بهذه الآية : المشركون . وقيل : اليهود كما سيأتي بيانه آخر البحث إن شاء الله . ثم أمره الله سبحانه بأن يستعيذ بالله من شرورهم ، فقال : { فاستعذ بالله إِنَّهُ هُوَ السميع البصير } أي فالتجأ إليه من شرّهم وكيدهم ، وبغيهم عليك إنه السميع لأقوالهم البصير بأفعالهم لا تخفى عليه من ذلك خافية .

/خ65