الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡ إِن فِي صُدُورِهِمۡ إِلَّا كِبۡرٞ مَّا هُم بِبَٰلِغِيهِۚ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (56)

{ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } إلا تكبر وتعظم ، وهو إرادة التقدّم والرياسة ، وأن لا يكون أحد فوقهم ، ولذلك عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدّمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك ، لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة . أو إرادة أن تكون لهم النبوّة دونك حسداً وبغياً . ويدلّ عليه قوله تعالى : { لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } [ الأحقاف : 11 ] أو إرادة دفع الآيات بالجدال { مَّا هُم ببالغيه } أي : ببالغي موجب الكبر ومقتضيه ، وهو متعلق إرادتهم من الرياسة أو النبوّة أو دفع الآيات . وقيل : المجادلون هم اليهود ، وكانوا يقولون : يخرج صاحبنا المسيح بن داود ، يريدون الدّجال ، ويبلغ سلطانه البر والبحر ، وتسير معه الأنهار ، وهو آية من آيات الله فيرجع إلينا الملك ، فسمى الله تمنيهم ذلك كبراً ، ونفى أن يبلغوا متمناهم { فاستعذ بالله } فالتجيء إليه من كيد من يحسدك ويبغي عليك { إِنَّهُ هُوَ السميع } لما تقول ويقولون { البصير } بما تعمل ويعملون ، فهو ناصرك عليهم وعاصمك من شرّهم .