القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلّوا السّبِيلَ } .
يقول تعالى ذكره : ويوم نحشر هؤلاء المكذّبين بالساعة العابدين الأوثان وما يعبدون من دون الله من الملائكة والإنس والجنّ . كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فيقول : أأنْتُمْ أضْلَلْتُمْ عِبادي هَؤُلاءِ قال : عيسى وعُزيرٌ والملائكة .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، نحوه .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه أبو جعفر القارىء وعبد الله بن كثير : وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فَيَقُولُ بالياء جميعا ، بمعنى : ويوم يحشرهم ربك ، ويحشر ما يعبدون من دون فيقول . وقرأته عامة قرّاء الكوفيين : «نَحْشُرُهُمْ » بالنون ، «فنقول » . وكذلك قرأه نافع .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .
وقوله : فَيَقُولُ أأنْتُمْ أضْلَلْتُمْ عبادِي هَؤُلاءِ يقول : فيقول الله للذين كان هؤلاء المشركون يعبدونهم من دون الله : أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء ؟ يقول : أنتم أَزَلتْموهم عن طريق الهدى ودعوتموهم إلى الغيّ والضلالة حتى تاهوا وهلكوا ، أم هم ضلوا السبيل ؟ يقول : أم عبادي هم الذين ضلوا سبيل الرشد والحقّ وسلكوا العَطَب .
المعنى واذكر يوم ، والضمير في { نحشرهم } للكفار ، وقوله { وما يعبدون } يريد به كل شيء عبد من دون الله فغلب العبارة عما لا يعقل من الأوثان لأنها كانت الأغلب وقت المخاطبة ، وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص والأعرج وأبو جعفر «يحشرهم » «فيقول » بالياء ، وفي قراءة عبد الله «وما يعبدون من دونك » ، وقرأ الأعرج «نحشِرهم » بكسر الشين وهي قليل في الاستعمال قوية في القياس لأن يفعِل بكسر العين في المتعدي أقيس من يفعُل بضم العين{[8795]} ، وهذه الآية تتضمن الخبر عن أن الله يوبّخ الكفار في القيامة بأن يوقف المعبودين على هذا المعنى ليقع الجواب بالتبري من الذنب فيقع الخزي على الكافرين ، واختلف الناس في الموقف المجيب في هذه الآية ، فقال جمهور المفسرين هو كل من ظلم بأن عبد ممن يعقل كالملائكة وعزير وعيسى وغيرهم ، وقال الضحاك وعكرمة الموقف المجيب الأصنام التي لا تعقل يقدرها الله تعالى يومئذ على هذه المقالة ويجيء خزي الكفرة لذلك أبلغ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.