{ إِنّ اللّهَ اصْطَفَىَ آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ }
يعني بذلك جل ثناؤه : إن الله اجتبى آدم ونوحا ، واختارهما لدينهما ، { وآلَ إِبْرَاهِيمَ وآلَ عِمْرَانَ } لدينهم الذي كانوا عليه ، لأنهم كانوا أهل الإسلام . فأخبر الله عزّ وجلّ أنه اختار دين من ذكرنا على سائر الأديان التي خالفته . وإنما عنى بآل إبراهيم وآل عمران المؤمنين .
وقد دللنا على أن آل الرجل أتباعه وقومه ومن هو على دينه . وبالذي قلنا في ذلك روي القول عن ابن عباس أنه كان يقوله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس قوله : { إِنّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ على العَالَمِينَ } قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد ، يقول الله عزّ وجلّ : { إِنّ أوْلى النّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ للّذِينَ اتّبَعُوهُ } وهم المؤمنون .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { إِنّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ على العَالَمِينَ } رجلان نبيان اصطفاهما الله على العالمين .
حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : { إِنّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ على العَالَمِينَ } قال : ذكر الله أهل بيتين صالحين ورجلين صالحين ففضلهم على العالمين ، فكان محمد من آل إبراهيم .
حدثني محمد بن سنان ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدثنا عباد ، عن الحسن في قوله : { إِنّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحا وآلَ إِبْرَاهِيمَ } إلى قوله : { وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } قال : فضلهم الله على العالمين بالنبوة على الناس كلهم كانوا هم الأنبياء الأتقياء المطيعين لربهم .
لما مضى صدر من محاجة نصارى نجران والرد عليهم وبيان فساد ما هم عليه جاءت هذه الآية معلمة بصورة الأمر الذي قد ضلوا فيه ، ومنبئة عن حقيقته كيف كانت ، فبدأ تعالى بذكر فضله على هذه الجملة التى { آل عمران } منها ثم خص { امرأة عمران } بالذكر لأن القصد وصف قصة القوم إلى أن يبين أمر عيسى عليه السلام وكيف كان و{ اصطفى } معناه : اختار صفو الناس فكان ذلك هؤلاء المذكورين وبقي الكفار كدراً ، و{ آدم } هو أبونا عليه السلام اصطفاه الله تعالى بالإيجاد والرسالة إلى بنيه والنبوة والتكليم حسبما ورد في الحديث{[3096]} وحكى الزجاج عن قوم { إن الله اصطفى آدم } عليه السلام بالرسالة إلى الملائكة في قوله : { أنبئهم بأسمائهم }{[3097]} وهذا ضعيف ، ونوح عليه السلام هو أبونا الأصغر في قول الجمهور هو أول نبي بعث إلى الكفار ، وانصرف نوح مع عجمته وتعريفه لخفة الاسم ، كهود ولوط ، و{ آل إبراهيم } يعني بإبراهيم الخليل عليه السلام والآل في اللغة ، الأهل والقرابة ، ويقال للأتباع وأهل الطاعة آل ، فمنه آل فرعون ، ومنه قول الشاعر وهو أراكة الثقفي في رثاء النبي عليه السلام وهو يعزي نفسه في أخيه عمرو{[3098]} : [ الطويل ]
فَلاَ تَبْكِ مَيْتاً بَعْدَ مَيْتٍ أَجنَّهُ . . . عليٌّ وَعَبَّاسٌ وآلُ أبي بَكْرِ
أراد جميع المؤمنين ، و «الآل » في هذه الآية يحتمل الوجهين ، فإذا قلنا أراد بالآل القرابة والبيتية فالتقدير { إن الله اصطفى } هؤلاء على عالمي زمانهم أو على العالمين عاماً يقدر محمداً عليه السلام من آل إبراهيم ، وإن قلنا أرد بالآل الأتباع فيستقيم دخول أمة محمد في الآل لأنها على ملة إبراهيم ، وذهب منذر بن سعيد وغيره إلى أن ذكر آدم يتضمن الإشارة إلى المؤمنين به من بنيه وكذلك ذكر نوح عليه السلام وأن «الآل » الأتباع فعمت الآية جميع مؤمني العالم فكان المعنى ، أن الله اصطفى المؤمنين على الكافرين ، وخص هؤلاء بالذكر تشريفاً لهم ولأن الكلام في قصة بعضهم ، و{ آل عمران } أيضاً يحتمل من التأويل ما تقدم في { آل إبراهيم } ، وعمران هو رجل من بني إسرائيل من ولد سليمان بن داود فيما حكى الطبري ، قال مكي : هو عمران بن ماثال{[3099]} ، وقال قتادة في تفسير هذه الآية : ذكر الله تعالى أهل بيتين صالحين ورجلين صالحين ، ففضلهم على العالمين فكان محمد من آل إبراهيم ، وقال ابن عباس : «اصطفى الله » هذه الجملة بالدين والنبوة والطاعة له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.