فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحٗا وَءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمۡرَٰنَ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (33)

( إن الله اصطفى آدم ونوحا ) الاصطفاء الاختيار من الصفوة وهي الخالص من كل شيء ، قال الزجاج اختارهم بالنبوة على عالمي زمانهم ، وقيل إن الكلام على حذف مضاف أي اصطفى دين آدم ، وتخصيص آدم بالذكر لأنه أبو البشر ، وكذلك نوح فإنه آدم الثاني .

وحكى ابن الجوزي عن أبي سليمان الدمشقي أن اسم نوح السكن وإنما سمي نوحا لكثرة نوحه ، وعمر آدم تسعمائة وستون سنة ، ونوح من نسل إدريس بينه وبينه اثنان لأنه ابن لملك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس ، وعمر نوح ألف سنة وخمسون ، ونوح اسم عجمي لا اشتقاق له عند محققي النحاة .

( وآل إبراهيم ) قيل يعني نفسه ، وقيل إسماعيل وإسحق ويعقوب ، وقيل من كان على دينه ، والثاني أولى ، وذلك أن الله جعل إبراهيم أصلا لشعبتين ، فجعل إسماعيل أصلا للعرب ، ومحمد صلى الله عليه وسلم منهم فهو داخل في الاصطفاء ، وجعل إسحق أصلا لبني إسرائيل وجعل فيهم النبوة والملك إلى زمن محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم جعل له ولأمته النبوة والملك إلى يوم القيامة ، وعمر إبراهيم مائة وسبعون سنة .

( وآل عمران ) قيل هو والد موسى وهارون ، وقيل هو من ولد سليمان وهو والد مريم ، والظاهر الثاني بدليل القصة الآتية في عيسى ومريم ، وبين العمرانين من الزمن ألف وثمانمائة سنة ، وبين الأول وبين يعقوب ثلاثة أجداد ، وبين الثاني وبين يعقوب ثلاثون جدا ، وعمران اسم أعجمي ، وقيل عربي مشتق من العمر ، وعلى كلا القولين ممنوع من الصرف إما للعلمية والعجمة أو لزيادة الألف والنون ، قاله السمين .

فلما كان عيسى عليه السلام منهم كان لتخصيصهم بالذكر وجه ، يعني خص هؤلاء بالذكر لأن الأنبياء والرسل من نسلهم ( على العالمين ) قد تقدم الكلام على تفسيره أي اختارهم واصطفاهم على العالمين بما خصهم به من النبوة والرسالة والخصائص الروحانية والجسمانية .