بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحٗا وَءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمۡرَٰنَ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (33)

{ إِنَّ الله اصطفى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إبراهيم } يعني اختاره ويقال : اختار دينه ، وهو دين الإسلام .

ويقال : قد اختاره لخمسة أشياء : أولها أنه خلقه بأحسن صورة بقدرته ، والثاني أنه علّمه الأسماء كلها ، والثالث أنه أمر الملائكة أن يسجدوا له ، والرابع أسكنه الجنة ، والخامس جعله أباً للبشر . واختار نوحاً عليه السلام بخمسة أشياء : أولها أنه جعله أباً للبشر ، لأن الناس كلهم غرقوا ، فصارت ذريته هم الباقين ، والثاني أنه أطال عمره ، ويقال : طُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمرهُ ، وحَسُن عَمَلُهُ ، والثالث أنه استجاب دعاءه على الكفار والمؤمنين ، والرابع أنه حمله على السفينة ، والخامس أنه كان أول من نسخ الشرائع ، وكان قبل ذلك لم يحرم تزوج الخالات والأخوات والعمات . واختار آل إبراهيم عليه السلام بخمسة أشياء : أولها أنه جعله أبا الأنبياء ، لأنه روي أنه خرج من صلبه ألف نبي من زمانه إلى زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، والثاني أنه اتخذه خليلاً ، والثالث أنه أنجاه من النار ، والرابع أنه جعله للناس إماماً ، والخامس أنه ابتلاه الله بخمس كلمات ، بكلمات ، فوفقه حتى أتمَّهن . ثم قال : { وآل عمران } قال مقاتل : يعني به أبا موسى وهارون . وقال الكلبي : هو عمران أبو مريم ، وهو من ولد سليمان النبي عليه السلام فإنه أراد به آل موسى وهارون ، إنما كان اختارهما على العالمين ، حيث بعث على قومه المن والسلوى ، ولم يكن ذلك لأحد من الأنبياء في العالم ، وإن أراد به أبا مريم ، فإنه اصطفى آله ، يعني مريم بولادة عيسى عليه السلام بغير أب ، ولم يكن ذلك لأحد في العالم . وقال الكلبي : يعني اختار هؤلاء الذين ذكروا في هذه الآية { عَلَى العالمين } يعني عالمي زمانهم .