الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحٗا وَءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمۡرَٰنَ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (33)

وقوله تعالى : { إِنَّ الله اصطفى آدَمَ وَنُوحاً . . . } [ آل عمران :33 ] .

لما مضى صدْرٌ مِنْ مُحَاجَّةِ نصارى نَجْرَانَ ، والردُّ عليهم ، وبيانُ فسادِ ما هُمْ عليه ، جاءَتْ هذه الآياتُ مُعْلِمَةً بصورةِ الأمر الذي قد ضَلُّوا فيه ، ومُنْبِئَةً عن حقيقته كيف كانَتْ ، فبدأ تعالى بذكْرِ فضْل آدم ومَنْ ذُكِرَ بعده ، ثم خَصَّ امرأة عِمْرَانَ بالذكْرِ ، لأنَّ القصْدَ وصْفُ قصَّة القَوْم إِلى أنْ يبيِّن أمر عيسى ( عليه السلام ) ، وكيف كان ، وانصرف «نُوحٌ » ، مع عُجْمَتِهِ وتعريفِهِ ، لخفَّة الاِسم ، كَهُودٍ وَلُوطٍ ، قال الفَخْرُ هنا أعلم أنَّ المخلوقاتِ على قسمَيْنِ : مكلَّفٍ ، وغيْرِ مكلَّفٍ ، واتفقوا على أنَّ المكلَّف أفْضَلُ من غير المكلَّفِ ، واتفقوا على أنَّ أصنافَ المكلَّفين أربعةٌ : الملائكةُ ، والإِنْسُ ، والْجِنُّ ، والشَّيَاطِين .

( ت ) : تأمَّلْه جَعَلَ الشياطين قسيماً للجِنِّ اه .

و( الآلُ ) ، في اللغة الأَهْلُ والقَرَابَة ، ويقال للأَتْبَاعِ ، وأهل الطَّاعة : آل ، والآلُ ، في الآيةِ : يحتملُ الوجهَيْنِ ، فَإِنْ أُريدَ بالآلِ : القَرَابَةُ ، فالتقديرُ أنَّ اللَّهَ اصطفى هؤلاءِ على عَالِمِي زمانِهِمْ ، أو على العَالَمِينَ جميعاً ، بأنْ يقدَّر نبيُّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم من آل إِبراهيم ، وإِن أُرِيدَ بالآلِ : الأَتْبَاعُ ، فيستقيمُ دُخُول أمَّة نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم في الآلِ ، لأنها على ملَّةِ إِبراهيم . و( عِمْرَانُ ) هو رجلٌ من بني إِسرائيل .