فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحٗا وَءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمۡرَٰنَ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ} (33)

{ اصطفى } اختار وخص بفضل .

{ العالمين } جمع عالم وكل جنس من المخلوقات يسمى عالما .

يخبر تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض فاصطفى{[935]} { آدم } عليه السلام ، خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء وأسكنه الجنة ثم أهبطه منها لما في ذلك من الحكمة . واصطفى { نوحا } عليه السلام وجعله أول رسول بعثه إلى أهل الأرض لما عبد الناس الأوثان وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وانتقم له لما طالت مدته بين ظهراني قوم يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا سرا وجهرا فلم يزدهم ذلك إلا فرارا فدعا عليهم فأغرقهم الله عن آخرهم ولم ينج منهم إلا من اتبعه على دينه الذي بعثه الله به . واصطفى { آل إبراهيم } ومنهم سيد البشر خاتم الأنبياء على الإطلاق محمد صلى الله عليه وسلم ؛ { وآل عمران } والمراد بعمران هذا هو والد مريم بنت عمران أم عيسى ابن مريم عليه السلام فعيسى عليه السلام من ذرية إبراهيم -{[936]} .

{ إن الله اصطفى } إن المولى سبحانه قد خص هؤلاء النبيين بفضل عظيم من لدنه قال بعض العلماء التقدير إن الله اصطفى دينهم وهو الإسلام ، وقال الزجاج : اختارهم للنبوة على عالمي زمانهم . وفي البخاري : عن ابن عباس قال : آل إبراهيم وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد يقول الله تعالى { إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي للمؤمنين } وقيل { آل إبراهيم } نفسه . وكذا { آل عمران } ومنه قوله تعالى { . . وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون . . }{[937]} . وقيل المراد عيسى لأن أمه ابنة عمران .


[935]:صفوة كل شيء خالصه وخياره. وصفى الإنسان أخوه يصافيه الإخاء بصدق وفي الحديث: إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر واحتسب بثواب دون الجنة. من لسان العرب.
[936]:ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم.
[937]:من سورة البقرة من الآية 248.