جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ * وَإِذَا النّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطّلَتْ } .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ فقال بعضهم : معنى ذلك : إذا الشمس ذهب ضوؤُها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسين بن الحريث ، قال : حدثنا الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، قال : ثني أبيّ بن كعب ، قال : ستّ آيات قبل يوم القيامة : بينا الناس في أسواقهم ، إذ ذهب ضوء الشمس ، فبينما هم كذلك ، إذ تناثرت النجوم ، فبينما هم كذلك ، إذ وقعت الجبال على وجه الأرض ، فتحرّكت واضطربت واحترقت ، وفزَعت الجنّ إلى الإنس ، والإنس إلى الجنّ ، واختلطت الدوابّ والطير والوحش ، وماجوا بعضهم في بعض وَإذَا الوُحُوشُ حُشِرَتْ قال : اختلطت وَإذَا الْعِشارُ عُطّلَتْ قال : أهملها أهلها وَإذَا الْبِحارُ سُجّرَتْ قال : قالت الجنّ للإنس : نحن نأتيكم بالخبر قال : فانطلقوا إلى البحار ، فإذا هي نار تأجّج قال : فبينما هم كذلك إذ تصدّعت الأرض صدعة واحدة ، إلى الأرض السابعة السفلى ، وإلى السماء السابعة العليا قال : فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ يقول : أظلمت .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ يعني : ذهبت .

حدثني محمد بن عُمارة ، حدثني عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ قال : اضمحلت وذهبت .

حدثنا ابن بشار وابن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، في قوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ قال : ذهب ضوءُها فلا ضوء لها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ قال : غُوّرت ، وهي بالفارسية ، كور تكور .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ أما تكوير الشمس : فذهابها .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ قال : كوّرت كورا بالفارسية .

وقال آخرون : معنى ذلك : رُمي بها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثام بن عليّ ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ قال : نُكّست .

حدثني محمد بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن أبي صالح مثله .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا بدل بن المحبر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت إسماعيل ، سمع أبا صالح في قوله إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ قال : أُلقيت .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يَعْلَى ، عن ربيع بن خيثم إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ قال : رُمِي بها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي يعلى ، عن الربيع بن خيثم ، مثله .

والصواب من القول في ذلك عندنا : أن يقال كُوّرَتْ كما قال الله جلّ ثناؤه والتكوير في كلام العرب : جمع بعض الشيء إلى بعض ، وذلك كتكوير العمامة ، وهو لفها على الرأس ، وكتكوير الكارة ، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض ، ولفها ، وكذلك قوله : إذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ إنما معناه : جمع بعضها إلى بعض ، ثم لفت فرمي بها ، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوءُها . فعلى التأويل الذي الذي تأوّلناه وبيّناه لكلا القولين اللذين ذكرت عن أهل التأويل ، وجه صحيح ، وذلك أنها إذا كُوّرت ورُمي بها ، ذهب ضوءُها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التكوير مكية وآيها تسع وعشرون آية .

بسم الله الرحمن الرحيم إذا الشمس كورت لفت من كورت العمامة إذا لففتها بمعنى رفعت لأن الثوب إذا أريد رفعه لف أو لف ضوؤها فذهب انبساطه في الآفاق وزال أثره وألقيت عن فلكها من طعنه فكوره إذا ألقاه مجتمعا والتركيب للإرادة والجمع وارتفاع الشمس بفعل يفسره ما بعدها أولى لأن إذا الشرطية تطلب الفعل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية بإجماع من المتأولين{[1]} .

هذه كلها أوصاف يوم القيامة ، و «تكوير الشمس » : هو أن تدار ويذهب بها إلى حيث شاء الله كما يدار كور العمامة{[11641]} ، وعبر المفسرون عن ذلك بعبارات ، فمنهم من قال : ذهب نورها قاله قتادة ، ومنهم من قال : رمي بها ، قاله الربيع بن خيثم وغير ذلك مما هو أشياء توابع لتكويرها .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[11641]:الكور: الزيادة يعني: كما تدار الزيادة التي في طرف العمامة على الرأس، وقيل: كل دارة من العمامة كور، وكل دور كور، وتكوير العمامة كورها.