جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَيۡنَكَ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ حِجَابٗا مَّسۡتُورٗا} (45)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ حِجَاباً مّسْتُوراً } .

يقول تعالى ذكره : وإذا قرأت يا محمد القرآن على هؤلاء المشركين الذين لا يصدّقون بالبعث ، ولا يقرّون بالثواب والعقاب ، جعلنا بينك وبينهم حجابا ، يحجب قلوبهم عن أن يفهموا ما تقرؤه عليهم ، فينتفعوا به ، عقوبة منا لهم على كفرهم . والحجاب ههنا : هو الساتر ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَإذَا قَرأتَ القُرآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وبينَ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالاَخرة حِجابا مَسْتُورا الحجاب المستور أكنة على قلوبهم أن يفقهوه وأن ينتفعوا به ، أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة حِجابا مَسْتُورا قال : هي الأكنة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَإذَا قَرأتَ القُرآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وبينَ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالاَخِرَةِ حِجابا مَسْتُورا قال : قال أُبيّ : لا يفقهونه ، وقرأ قُلُوبُهُمْ فِي أكِنّةٍ وفِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ لا يخلص ذلك إليهم .

وكان بعض نحوييّ أهل البصرة يقول : معنى قوله حِجابا مَسْتُورا حِجابا ساترا ، ولكنه أخرج وهو فاعل في لفظ المفعول ، كما يقال : إنك مشئوم علينا وميمون ، وإنما هو شائم ويامن ، لأنه من شأمهم ويمنهم . قال : والحجاب ههنا : هو الساتر . وقال : مستورا . وكان غيره من أهل العربية يقول : معنى ذلك : حجابا مستورا عن العباد فلا يرونه .

وهذا القول الثاني أظهر بمعنى الكلام أن يكون المستور هو الحجاب ، فيكون معناه : أن لله سترا عن أبصار الناس فلا تدركه أبصارهم ، وإن كان للقول الأوّل وجه مفهوم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَيۡنَكَ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ حِجَابٗا مَّسۡتُورٗا} (45)

{ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً } يجبهم عن فهم ما تقرؤه عليهم . { مستوراً } ذا ستر كقوله تعالى : { وعده مأتيا } وقولهم سيل مفعم ، أو مستورا عن الحس ، أو بحجاب آخر لا يفهمون ولا يفهمون أنهم لا يفهمون نفي عنهم أن يفهموا ما أنزل عليهم من الآيات بعدما نفى عنهم التفقه للدلالات المنصوبة في الأنفس والآفاق تقريرا له وبيانا لكونهم مطبوعين على الضلالة كما صرح به بقوله :

{ وجعلنا على قلوبهم أكنّة } .